الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما أمر بالجهاد ورغب فيه أشد الترغيب في الآيات المتقدمة ، وذكر في المنافقين قلة رغبتهم في الجهاد ، بل ذكر عنهم شدة سعيهم في تثبيط المسلمين عن الجهاد ، عاد في هذه الآية إلى الأمر بالجهاد فقال : ( فقاتل في سبيل الله ) وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الفاء في قوله : ( فقاتل ) بماذا تتعلق ؟ فيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنها جواب لقوله : ( ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل ) [ النساء : 74 ] من طريق المعنى لأنه يدل على معنى إن أردت الفوز فقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن يكون متصلا بقوله : ( وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ) ، ( فقاتل في سبيل الله ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : أن يكون متصلا بمعنى ما ذكر من قصص المنافقين ، والمعنى أن من أخلاق هؤلاء المنافقين كذا وكذا ، فلا تعتد بهم ولا تلتفت إلى أفعالهم ، بل قاتل .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : دلت الآية على أن الله تعالى أمره بالجهاد ولو وحده قبل دعاء الناس في بدر الصغرى إلى الخروج ، وكان أبو سفيان واعد الرسول صلى الله عليه وسلم اللقاء فيها ، فكره بعض الناس أن يخرجوا ، فنزلت هذه الآية ، فخرج وما معه إلا سبعون رجلا ولم يلتفت إلى أحد ، ولو لم يتبعوه لخرج وحده .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : دلت الآية على أنه صلى الله عليه وسلم كان أشجع الخلق وأعرفهم بكيفية القتال لأنه تعالى ما كان يأمره بذلك إلا وهو صلى الله عليه وسلم موصوف بهذه الصفات ، ولقد اقتدى به أبو بكر رضي الله عنه حيث حاول الخروج وحده إلى قتال مانعي الزكاة ، ومن علم أن الأمر كله بيد الله وأنه لا يحصل أمر من الأمور إلا بقضاء الله سهل ذلك عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية