الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 256 ] فصل ولفظ النية يجري في كلام العلماء على نوعين : فتارة يريدون بها تمييز عمل من عمل وعبادة من عبادة وتارة يريدون بها تمييز معبود عن معبود ومعمول له عن معمول له .

                فالأول كلامهم في النية : هل هي شرط في طهارة الأحداث ؟ وهل تشترط نية التعيين والتبييت في الصيام ؟ وإذا نوى بطهارته ما يستحب لها هل تجزيه عن الواجب ؟ أو أنه لا بد في الصلاة من نية التعيين ؟ ونحو ذلك والثاني كالتمييز بين إخلاص العمل لله وبين أهل الرياء والسمعة كما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة وحمية ورياء فأي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : { من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله } وهذا الحديث يدخل فيه سائر الأعمال وهذه النية تميز بين من يريد الله بعمله والدار الآخرة وبين من يريد الدنيا : مالا وجاها ومدحا وثناء وتعظيما وغير ذلك والحديث دل على هذه النية بالقصد وإن كان قد يقال : أن عمومه يتناول [ ص: 257 ] النوعين فإنه فرق بين من يريد الله ورسوله وبين من يريد دنيا أو امرأة ففرق بين معمول له ومعمول له ولم يفرق بين عمل وعمل .

                وقد ذكر الله تعالى الإخلاص في كتابه في غير موضع كقوله تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وقوله : { فاعبد الله مخلصا له الدين } { ألا لله الدين الخالص } وقوله : { قل الله أعبد مخلصا له ديني } وغير ذلك من الآيات .

                وإخلاص الدين هو أصل دين الإسلام ولذلك ذم الرياء في مثل قوله : { فويل للمصلين } { الذين هم عن صلاتهم ساهون } { الذين هم يراءون } وقوله : { وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } وقال تعالى : { كالذي ينفق ماله رئاء الناس } الآية وقوله تعالى { والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس } الآية .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية