الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 288 ] الاجتهاد .

            ص - الاجتهاد في الاصطلاح : استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي .

            والفقيه ، تقدم .

            وقد علم المجتهد والمجتهد فيه .

            التالي السابق


            ش - لما فرغ من الأدلة السمعية ، شرع في الاجتهاد .

            وهو في اللغة : بذل الوسع فيما فيه مشقة ، ولذلك يقال : اجتهد في حمل حجر الرحى ، ولا يقال : اجتهد في حمل الخردلة .

            وفي الاصطلاح : استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي .

            والفقيه ، قد عرف فيما تقدم من تعريف الفقه ، كما يعرف المجتهد والمجتهد فيه هاهنا من تعريف الاجتهاد .

            والاستفراغ قد يكون من الفقيه ، وقد يكون من غيره .

            فقيد الفقيه يخرج استفراغ غير الفقيه .

            واستفراغ الفقيه قد يتعلق بالوسع ، وقد يتعلق بغير الوسع من أحوال النفس وغيرها ، فقيد الوسع يخرج استفراغ الفقيه غير الوسع .

            [ ص: 289 ] واستفراغ الفقيه الوسع قد يكون لتحصيل ظن ، وقد يكون لتحصيل علم وغيره .

            فقوله : لتحصيل ظن ، يخرج استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل علم ، كما في الأحكام العقلية والحسية .

            وقوله : بحكم شرعي ، احتراز عن استفراغ الفقيه الوسع لتحصيل ظن بحكم عقلي أو حسي .

            قيل : يرد على هذا التعريف استفراغ المتكلم الوسع لتحصيل ظن بتوحيده ، إذا كان فقيها .

            وكذلك استفراغ الأصولي في كون الكتاب مثلا ، حجة ، إذا كان فقيها .

            واستفراغ الفقيه في بعض الأحكام دون بعض .

            قلنا : الاجتهاد لا يتجزأ .

            ويرد أيضا على عكسه اجتهاد الرسول - عليه السلام ، فإنه غير فقيه ، لما عرفت في تعريف الفقه .

            وخروج اجتهاد من لم يكن مجتهدا في الجميع إن قلنا بتجزؤ الاجتهاد ; لأنه لا يكون فقيها على ذلك التقدير .

            ويمكن أن يجاب عن الطرد بأن استفراغ المتكلم في توحيده ، والأصولي في كون الكتاب حجة ، ليس لتحصيل ظن بحكم [ ص: 290 ] شرعي ; لأن المراد بالحكم الشرعي : خطاب الله - تعالى - المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير ، والتوحيد وكون الكتاب حجة ليسا كذلك .

            وعلى تقدير عدم تجزؤ الاجتهاد لا يلزم أن لا يكون استفراغ الفقيه في بعض الأحكام دون بعض اجتهادا ; لأن عدم تجزؤ الاجتهاد وشرط صحة الاجتهاد لا داخل في ماهيته ، وهذا التعريف لماهية الاجتهاد .

            وعن العكس بأنا لا نسلم خروج اجتهاد من لم يكن مجتهدا في الجميع إن قلنا بتجزؤ الاجتهاد .

            قوله : لأنه لا يكون فقيها على ذلك التقدير .

            قلنا : لا نسلم ; فإن العارف ببعض الأحكام فقيه .

            وأما عدم الانعكاس بخروج اجتهاد الرسول فوارد .




            الخدمات العلمية