الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما صار التوحيد بذلك كالشمس؛ وكان كل ما في الكون - مع أنه دال على الوحدانية - نعمة على الإنسان؛ يجب عليه شكرها؛ شرع يعدد ذلك؛ تنبيها له على وجوب الشكر بالتبرؤ من الكفر؛ فقال - مقدما الحيوانات؛ لأنها أشرف من غيرها؛ وقدم منها ما ينفع الإنسان؛ لأنه [ ص: 108 ] أجل من غيره؛ مبتدئا بما هو أولاها بالذكر؛ لأنه أجلها منفعة في ضرورات المعيشة؛ وألزمها لمن أنزل الذكر بلسانهم -: والأنعام ؛ أي: الأزواج الثمانية: الضأن؛ والمعز؛ والإبل؛ والبقر؛ خلقها ؛ غير ناطقة؛ ولا مبينة؛ مع كونها أكبر منكم خلقا؛ وأشد قوة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان أول ما يمكن أن يلقى الإنسان عادة من نعمها اللباس؛ بدأ به؛ فقال - على طريق الاستئناف -: لكم فيها دفء ؛ أي: ما يدفأ به؛ فيكون منه حر معتدل؛ من حر البدن الكائن بالدثار؛ يمنع البرد؛ وثنى بما يعم جميع نعمها؛ التي منها اللبن؛ فقال: ومنافع ؛ ثم ثلث بالأكل؛ لكونه بعد ذلك؛ فقال (تعالى): ومنها تأكلون ؛ وقدم الظرف؛ دلالة على أن الأكل من غيرها بالنسبة إلى الأكل منها مما لا يعتد به؛

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية