الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : اختلفوا في تجزؤ الاجتهاد .

            المثبت : لو لم يتجزأ ، لعلم الجميع . وقد سئل مالك عن أربعين مسألة ، فقال في ست وثلاثين منها : لا أدري .

            وأجيب بتعارض الأدلة ، وبالعجز عن المبالغة في الحال .

            [ ص: 291 ] قالوا : إذا اطلع على أمارات مسألة ، فهو وغيره سواء .

            وأجيب بأنه قد يكون ما لم يعلمه متعلقا .

            التالي السابق


            ش - اختلف الأصوليون في أنه هل يتجزأ الاجتهاد أم لا ؟ والمراد بتجزؤ الاجتهاد التمكن من استخراج بعض الأحكام دون بعض ، كالفرضي إذا تمكن من استخراج الأحكام في الفرائض ، ولم يتمكن من استخراج الأحكام في غير الفرائض .

            فمنهم من قال : يتجزأ الاجتهاد ، ومنهم من منع .

            ومثبت تجزؤ الاجتهاد احتج بوجهين :

            الأول : لو لم يتجزأ الاجتهاد ، لعلم المجتهد جميع الأحكام ; لوجوب تمكنه حينئذ من استخراج جميع الأحكام .

            والتالي باطل ، فإن مالكا - مع علو شأنه - لم يعلم الجميع ; لأنه سئل عن أربعين مسألة ، فقال في ست وثلاثين منها : لا أدري .

            أجاب بأن مالكا إنما لم يجب عن تلك المسائل لتعارض الأدلة عنده ، لا لعدم تمهره في الجميع .

            وبأنه إنما لم يجب عنها بسبب عجزه عن المبالغة في استفراغ الوسع في الحال بسبب مانع ، ولكن كان متمكنا من استخراج ما سئل عنه .

            [ ص: 292 ] والحاصل أن عدم تجزؤ الاجتهاد يستلزم تهيؤ العلم بالجميع .

            وقول مالك : لا أدري ، لا يوجب عدم تهيؤ العلم بالجميع .

            الثاني : إذا اطلع المستفرغ على أمارات مسألة ، فهو وغيره - أي المجتهد المطلق - سواء في تلك المسألة . فكما تمكن المجتهد المطلق من استخراج حكم تلك المسألة تمكن المستفرغ أيضا .

            أجاب بأنا لا نسلم أنه والمجتهد المطلق سواء في تلك المسألة ، فإنه قد يكون ما لم يعلمه متعلقا بتلك المسألة ، ولا يتمكن هو من استخراج حكم تلك المسألة لتعلق ما لم يعلمه بتلك المسألة ، بخلاف المجتهد المطلق ، فإنه يتمكن لعلمه بما يتعلق بتلك المسألة .

            ولقائل أن يقول : إذا كان لما لم يعلم تعلق بالمسألة ، لم يكن عارفا بجميع أمارات تلك المسألة ، وهو خلاف المفروض .




            الخدمات العلمية