الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : إذا ولغت السباع في الماء : كل حيوان عند مالك طاهر العين حتى الخنزير ، كما بيناه في مسائل الخلاف ، ولكن تحرر من مذهب مالك أن أسآر السباع مكروهة ، لما بيناه في مسألة الكلب ، من أنها تصيب النجاسات ، وليست من الطوافين ولا من الطوافات .

                                                                                                                                                                                                              وقال أبو حنيفة : أسآر السباع نجسة . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه سئل عن حياض [ ص: 444 ] تكون بين مكة والمدينة تردها السباع وفي رواية : والكلاب فقال : لها ما حملت في بطونها ، ولنا ما بقي غير شراب وطهور } .

                                                                                                                                                                                                              وفي الموطأ أن عمر وعمرا وقفا على حوض ، فقال عمرو : يا صاحب الحوض ، هل ترد حوضك السباع ؟ فقال له عمر : يا صاحب الحوض ، لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا . وهذا ; لأن الماء كان كثيرا ، ولو كان قليلا لكان للمسألة حكم قدمناه قبل في هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                              وقد روي عن سهل بن سعد أن امرأة دخلت عليه مع نسوة ، فقال : لو أني سقيتكن من بئر بضاعة لكرهتن ذلك . وقد والله سقيت منها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي .

                                                                                                                                                                                                              وهذا أيضا ; لأن ماءها كان كثيرا لا يؤثر فيه محائض النساء ، وعذرات الناس ، ولحوم الكلاب .

                                                                                                                                                                                                              وقد قال أبو داود : سمعت قتيبة بن سعيد قال : سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها ، قلت : ما أكثر ما يكون الماء فيها ؟ قال : إلى العانة . قلت : فإذا نقص ماؤها ؟ قال : إلى العورة قال أبو داود : فقدرتها بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع . وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليها : هل غير بناؤها عما كانت عليه ؟ فقال : لا . قال أبو داود : ورأيت ماءها متغير اللون جدا . قال الفقيه القاضي أبو بكر رضي الله عنه : تغير ماؤها ; لأنها في وسط السبخة ، فماؤها يكون قرارها . وبضاعة دور بني ساعدة ، ولها يقول أبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي : [ ص: 445 ]

                                                                                                                                                                                                              نحن حمينا عن بضاعة كلها ونحن بنينا معرضا هو مشرف     فأصبح معمورا طويلا قذاله
                                                                                                                                                                                                              وتخرب آطام بها وتقصف



                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية