الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      ( فصل ) والذي يشتمل عليه ديوان السلطنة ينقسم أربعة أقسام : [ ص: 254 ] أحدها ما يختص بالجيش من إثبات وعطاء :

                                      والثاني : ما يختص بالأعمال من رسوم وحقوق .

                                      والثالث : ما يختص بالعمال من تقليد وعزل .

                                      والرابع : ما يختص ببيت المال من دخل وخراج ، فهذه أربعة أقسام تقتضيها أحكام الشرع يتضمن تفصيلها ما ربما كان لكتاب الدواوين في إفرادها عادة هم بها أخص .

                                      فأما القسم الأول : فيما يختص الجيش من إثبات وعطاء فإثباتهم في الديوان معتبر بثلاثة شروط أحدها : الوصف الذي يجوز إثباتهم .

                                      والثاني : السبب الذي يستحق به ترتيبهم .

                                      والثالث : الحال التي يقدر به عطاؤهم .

                                      فأما شرط جواز إثباتهم في الديوان فيراعى فيه خمسة أوصاف : أحدها : البلوغ فإن الصبي من جملة الذراري والأتباع ، فلم يجز أن يثبت في ديوان الجيش فكان جاريا في عطاء الذراري .

                                      والثاني : الحرية ، لأن المملوك تابع لسيده فكان داخلا في عطائه ; وأسقط أبو حنيفة اعتبار الحرية ، وجوز إفراد العبد بالعطاء في ديوان المقاتلة ، وهو رأي أبي بكر وخالفه فيه عمر واعتبر الحرية في العطاء ، وبه أخذ الشافعي .

                                      والثالث : الإسلام ليدفع عن الملة باعتقاده ويوثق بنصحه واجتهاده ، فإن أثبت فيهم ذميا لم يجز ، وإن ارتد منهم مسلم سقط .

                                      والرابع : السلامة من الآفات المانعة من القتال ; فلا يجوز أن يكون زمنا ولا أعمى ولا أقطع ، ويجوز أن يكون أخرس أو أصم ، فأما الأعرج ، فإن كان فارسا أثبت ، وإن كان راجلا لم يثبت .

                                      والخامس : أن يكون فيه إقدام على الحروب ومعرفة بالقتال ، فإن ضعفت منته عن الإقدام أو قلت معرفته بالقتال لم يجز إثباته ; لأنه مرصد لما هو عاجز عنه ، فإذا تكاملت فيه هذه الأوصاف الخمس كان إثباته في ديوان الجيش موقوفا على الطلب والإيجاب فيكون منه الطلب إذا تجرد عن كل عمل ، ويكون لمن ولي الأمر الإجابة إذا دعت الحاجة إليه ، فإن كان مشهور الاسم نبيه القدر لم يحسن إذا أثبت في الديوان أن يحلى فيه أو ينعت ، فإن [ ص: 255 ] كان من المغمورين في الناس حلي ونعت ، فذكر سنه وقده ولونه وحلي وجهه ووصف بما يتميز به عن غيره ; لئلا تتفق الأسماء ويدعي وقت العطاء ، وضم إلى نقيب عليه أو عريف له ليكون مأخوذا بدركه .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية