الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [12] وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون .

                                                                                                                                                                                                                                      وسخر لكم الليل والنهار أي : لمنامكم ومعاشكم ولعقد الثمار وإنضاجها : والشمس والقمر لإصلاح ما نيط بهما صلاحه من المكونات : والنجوم ليهتدى بها في ظلمات البر والبحر . وقوله تعالى : مسخرات بأمره حال من الجميع ، على معنى جعلها مسخرات ; لأن في التسخير معنى (الجعل) فصحت على أنه تجريد. أو على أن التسخير لهم نفع خاص.

                                                                                                                                                                                                                                      فمعناه : نفعكم حال كونها مسخرات لما خلقت له ، مما هو طريق لنفعكم . فـ (سخر) بمعنى (نفع ) على الاستعارة أو المجاز المرسل ; لأن النفع من لوازم التسخير. أو على أن ( مسخرات ) مصدر ميمي، منصوب على أنه مفعول مطلق . وسخرها مسخرات ، على منوال ضربته ضربات، أو يجعل قوله : مسخرات بأمره بمعنى مستمرة على التسخير بأمره الإيجادي ; لأن الإحداث لا يدل على الاستمرار . وقرئ بنصب الليل والنهار وحدهما ، ورفع ما بعدهما على الابتداء والخبر . وقرئ : والنجوم مسخرات بالرفع مبتدأ وخبر ، وما قبله بالنصب : إن في ذلك أي : تسخير ما ذكر : لآيات لقوم يعقلون

                                                                                                                                                                                                                                      ولما نبه تعالى على معالم السماوات ، نبه على ما خلق في الأرض من الأمور العجيبة ، [ ص: 3787 ] والأشياء المختلفة ، من الحيوانات والمعادن والنباتات والجمادات ، على اختلاف ألوانها وأشكالها ، وما فيها من المنافع والخواص ، بقوله سبحانه :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية