الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الرابعة

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان : المسألة الأولى : في النسب : وهو عبارة عن مرج الماء بين الذكر والأنثى على وجه الشرع . فإن كان بمعصية كان خلقا مطلقا ، ولم يكن نسبا محققا ، ولذلك لم يدخل تحت قول : { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم } بنته من الزنا ; لأنها ليست ببنت في أصح القولين لعلمائنا ، وأصح القولين في الدين قد بيناه في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله : { وصهرا } أما النسب فهو ما بين الوطأين موجودا ، وأما الصهر فهو ما بين وشائج الواطئين معا ، الرجل والمرأة ، وهم الأحماء والأختان . والصهر يجمعهما لفظا واشتقاقا ، وإذا لم يكن نسب شرعا فلا صهر شرعا ، فلا يحرم الزنا ببنت أما ، ولا بأم بنتا ، وما يحرم من الحلال لا يحرم من الحرام ; لأن الله امتن بالنسب والصهر على عباده ، ورفع قدرهما ، وعلق الأحكام في الحل والحرمة عليهما ، فلا يلحق الباطل بهما ولا يساويهما .

                                                                                                                                                                                                              وقد روي عن مالك أن الزنا يحرم المصاهرة ، وهذا كتابه الموطأ الذي كتبه بخطه ، وأملاه على طلبته ، وقرأه من صبوته إلى مشيخته لم يغير فيه ذلك ، ولا قال فيه قولا آخر . واكتبوا عني هكذا . وابن القاسم الذي يحرم المصاهرة بالزنا قرئ ضد ذلك عليه في الموطأ ، فلا يترك الظاهر للباطن ، ولا القول المروي من ألف للمروي من واحد ، وآحاد ، وقد قررنا ذلك في مسائل الخلاف .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية