الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                18734 ( وأخبرنا ) أبو علي الروذباري ، أنبأ محمد بن بكر ، ثنا أبو داود ، ثنا النفيلي ، ثنا محمد بن عمران الحجبي ، عن جدته صفية بنت شيبة ، عن [ ص: 310 ] عائشة - رضي الله عنها - قالت : جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم ، فذكر لي أنك تكره ذلك فقال : " ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي " أو : " ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي " .

                                                                                                                                                ( قال الفقيه رحمه الله ) : أحاديث النهي عن التكني بأبي القاسم على الإطلاق أصح من حديث الحجبي هذا وأكثر ، فالحكم لها دونه ، وحديث علي - رضي الله عنه - يدل على أنه عرف نهيا حتى سأل الرخصة له وحده ، وقد يحتمل حديث عائشة - رضي الله عنها - إن صح طريقه أن يكون نهيه وقع في الابتداء على الكراهية والتنزيه لا على التحريم فحين توهمت المرأة أنه على التحريم بين أنه على غير التحريم ، والأول أظهر والله أعلم ، وقد قال حميد بن زنجويه في كتاب الأدب : سألت ابن أبي أويس ما كان مالك يقول في الرجل يجمع اسم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكنيته ؟ فأشار إلى شيخ جالس معنا ، فقال : هذا محمد بن مالك ، سماه محمدا ، وكناه أبا القاسم ، وكان يقول : إنما نهي عن ذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كراهية أن يدعى أحد باسمه أو كنيته ، فيلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأما اليوم فلا بأس بذلك . قال حميد بن زنجويه : إنما كره أن يدعى أحد بكنيته في حياته ولم يكره أن يدعى باسمه ، لأنه لا يكاد أحد يدعو باسمه ، فلما قبض ذهب ذلك ، ألا ترى أنه أذن لعلي - رضي الله عنه - إن ولد له ابن بعده أن يجمع له الاسم والكنية ، وأن نفرا من أبناء وجوه الصحابة جمعوا بينهما منهم : محمد بن أبي بكر ، ومحمد بن جعفر بن أبي طالب ، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص ، ومحمد بن حاطب ، ومحمد بن المنتشر . ( قال الشيخ ) : وهذا التخصيص بحياته ، والاستدلال لمن جمع بينهما بعد وفاته من النوع الذي كان يقول الشافعي رحمه الله : لا حجة في قول أحد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية