الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أين يقوم الإمام من الرجل والمرأة

                                                                                                          1034 حدثنا عبد الله بن منير عن سعيد بن عامر عن همام عن أبي غالب قال صليت مع أنس بن مالك على جنازة رجل فقام حيال رأسه ثم جاءوا بجنازة امرأة من قريش فقالوا يا أبا حمزة صل عليها فقام حيال وسط السرير فقال له العلاء بن زياد هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها ومن الرجل مقامك منه قال نعم فلما فرغ قال احفظوا وفي الباب عن سمرة قال أبو عيسى حديث أنس هذا حديث حسن وقد روى غير واحد عن همام مثل هذا وروى وكيع هذا الحديث عن همام فوهم فيه فقال عن غالب عن أنس والصحيح عن أبي غالب وقد روى هذا الحديث عبد الوارث بن سعيد وغير واحد عن أبي غالب مثل رواية همام واختلفوا في اسم أبي غالب هذا فقال بعضهم يقال اسمه نافع ويقال رافع وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا وهو قول أحمد وإسحق

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( على جنازة رجل ) أي : عبد الله بن عمر رضي الله عنه كما في رواية أبي داود ( فقام حيال رأسه ) بكسر الحاء أي : حذاءه ومقابله ( بجنازة امرأة من قريش ) ، وفي رواية أبي داود المرأة الأنصارية ، قال القاري : فالقضية إما متعددة وإما متحدة فتكون المرأة قرشية أنصارية . انتهى ( فقالوا ) أي : أولياؤها ( يا أبا حمزة ) كنية أنس رضي الله عنه ( فقام حيال وسط السرير ) بسكون السين وفتحه ، قال الطيبي : الوسط بالسكون يقال فيما كان متفرق الأجزاء كالناس والدواب وغير ذلك ، وما كان متصل الأجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح ، وقيل كل منهما يقع موقع الآخر ، وكأنه أشبه ، وقال صاحب المغرب : الوسط بالفتح كالمركز للدائرة وبالسكون داخل الدائرة ، وقيل ما يصلح فيه " بين " فبالفتح ، وما لا فبالسكون . انتهى ، ووقع في رواية أبي داود فقام عند عجيزتها ، قال في النهاية : العجيزة العجز ، وهي للمرأة خاصة والعجز مؤخر الشيء ( هكذا رأيت ) بحذف حرف الاستفهام ( قام على الجنازة ) أي : من المرأة .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن سمرة ) رواه الجماعة .

                                                                                                          قوله : ( حديث أنس حديث حسن ) ، وأخرجه أبو داود ، وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ، قال الشوكاني : ورجال إسناده ثقات .

                                                                                                          [ ص: 107 ] قوله : ( واختلفوا في اسم أبي غالب هذا إلخ ) قال في التقريب : أبو غالب الباهلي مولاهم الخياط اسمه نافع ، أو رافع ، ثقة من الخامسة ( وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا ) أي : إلى أن الإمام يقوم حذاء رأس الرجل وحذاء عجيزة المرأة ( وهو قول أحمد وإسحاق ) ، وهو قول الشافعي ، وهو الحق ، وهو رواية عن أبي حنيفة ، قال في الهداية : وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ، ومن المرأة بحذاء وسطها ؛ لأن أنسا فعل كذلك ، وقال : هو السنة . انتهى ، ورجح الطحاوي قول أبي حنيفة هذا على قوله المشهور حيث قال في شرح الآثار : قال أبو جعفر والقول الأول أحب إلينا لما قد شده الآثار التي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . انتهى ، وذهب الحنفية إلى أن الإمام يقوم بحذاء صدر الميت رجلا كان أو امرأة ، وهو قول أبي حنيفة المشهور ، وقال مالك : يقوم حذاء الرأس منهما ، ونقل عنه أن يقوم عند وسط الرجل وعند منكبي المرأة ، وقال بعضهم : حذاء رأس الرجل وثدي المرأة ، واستدل بفعل علي رضي الله عنه ، وقال بعضهم إنه يستقبل صدر المرأة ، وبينه وبين السرة من الرجل ، قال الشوكاني بعد ذكر هذه الأقوال : وقد عرفت أن الأدلة دلت على ما ذهب إليه الشافعي وأن ما عداه لا مستند له من المرفوع إلا مجرد الخطأ في الاستدلال ، أو التعويل على محض الرأي ، أو ترجيح ما فعله الصحابي على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل . نعم لا ينتهض مجرد الفعل دليلا للوجوب ، ولكن النزاع فيما هو الأولى والأحسن ، ولا أولى ، ولا أحسن من الكيفية التي فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم . انتهى كلام الشوكاني .




                                                                                                          الخدمات العلمية