الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خلافة المستظهر بالله أبي العباس أحمد

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لما توفي أبوه يوم الجمعة أحضروه وله من العمر ست عشرة سنة وشهران فبويع له بالخلافة ، فكان أول من بايعه الوزير أبو منصور ابن جهير ، ثم أخذت [ ص: 142 ] البيعة له من الملك ركن الدولة بركياروق ابن السلطان ملكشاه ثم من بقية الأمراء والرؤساء ، وصلى على الخليفة الأمراء والوزراء ومن العلماء حضر الغزالي والشاشي وابن عقيل وبايعوه يوم ذلك وقد كان المستظهر بالله كريم الأخلاق حافظا للقرآن فصيحا بليغا شاعرا مطبقا ، ومن لطيف شعره قوله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أذاب حر الجوى في القلب ما خمدا يوما مددت على رسم الوداع يدا     فكيف أسلك نهج الاصطبار وقد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أرى طرائق في مهوى الهوى قددا     قد أخلف الوعد بدر قد شغفت به
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من بعد ما قد وفى دهرا بما وعدا     إن كنت أنقض عهد الحب في خلدي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      من بعد هذا فلا عاينته أبدا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفوض المستظهر أمور الخلافة إلى وزيره أبي منصور عميد الدولة ابن جهير فدبرها له أحسن تدبير ومهد الأمور أتم تمهيد وساس الرعايا وكان من خيار الوزراء .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي ثالث عشر شعبان عزل الخليفة أبا بكر الشاشي عن القضاء وفوضه إلى أبي الحسن بن الدامغاني .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها وقعت فتنة بين السنة والروافض فأحرقت محال كثيرة وقتل ناس كثيرون فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولم يحج أحد في هذه السنة لاختلاف السلاطين ، وكانت الخطبة للسلطان بركياروق ركن الدولة يوم الجمعة الرابع عشر من المحرم ، هو اليوم الذي توفي فيه الخليفة المقتدي بأمر الله بعد ما علم على توقيعه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية