الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ( 124 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، معلمه ما هو صانع بهؤلاء المتمردين عليه : " سيصيب " ، يا محمد ، الذين اكتسبوا الإثم بشركهم بالله وعبادتهم غيره ( صغار ) ، يعني : ذلة وهوان ، كما : -

13851 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله ) ، قال : " الصغار " ، الذلة .

وهو مصدر من قول القائل : " صغر يصغر صغارا وصغرا " ، وهو أشد الذل . [ ص: 97 ]

وأما قوله : ( صغار عند الله ) ، فإن معناه : سيصيبهم صغار من عند الله ، كقول القائل : " سيأتيني رزقي عند الله " ، بمعنى : من عند الله ، يراد بذلك : سيأتيني الذي لي عند الله . وغير جائز لمن قال : " سيصيبهم صغار عند الله " ، أن يقول : " جئت عند عبد الله " ، بمعنى : جئت من عند عبد الله ؛ لأن معنى " سيصيبهم صغار عند الله " ، سيصيبهم الذي عند الله من الذل ، بتكذيبهم رسوله . فليس ذلك بنظير : " جئت من عند عبد الله " . .

وقوله : ( وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ) ، يقول : يصيب هؤلاء المكذبين بالله ورسوله ، المستحلين ما حرم الله عليهم من الميتة ، مع الصغار عذاب شديد ، بما كانوا يكيدون للإسلام وأهله بالجدال بالباطل ، والزخرف من القول ، غرورا لأهل دين الله وطاعته .

التالي السابق


الخدمات العلمية