الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وقال تعالى بعد ذلك:

                                                          فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين

                                                          [ ص: 4239 ] تقدير القول: فإن علموا هذه النعم التي أسبغت عليهم، ومع ذلك كفروا فما عليك من كفرهم من شيء، و (الفاء) ما بعدها ترتب على ما قبلها، (تولوا) أي: أعرضوا ونأوا بجانبهم، وأنكروا هذه النعم المتضافرة، فإن العذاب نازل بهم لا محالة، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات؛ لأنك قد بلغت وأنذرت، وإنما عليك التبليغ البين الواضح الذي لا يماري فيه عاقل مدرك، و(الفاء) في (فإنما) واقعة في جواب الشرط، و(إنما) من أدوات القصر، عليك البلاغ المبين أي: ليس عليك إلا البلاغ الواضح، وإنك لا تهدي من أحببت، ولكن الله يهدي من يشاء.

                                                          جزاء الكفر بنعمة الله

                                                          قال تعالى:

                                                          يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ويوم نبعث من كل أمة شهيدا ثم لا يؤذن للذين كفروا ولا هم يستعتبون وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون

                                                          ساق الله تعالى ذكر ما أنعم به عليهم، والإنسان كله في فيض نعمة الله تعالى من يوم حمله جنينا في بطن أمه إلى أن يولد، ومن بعد أن يولد هو في حياطة الله تعالى ورحمته، إن مرض كشف عنه الضر، ومنحه العافية، وإذا كان [ ص: 4240 ] في المخاطر تحيطه رحمة الله تعالى، وهو في مأواه وملبسه، ونعيمه وراحته بعد تعبه في نعم الله تعالى، وهو يعرف هذه النعم، ويعرف أنها من عند الله تعالى، وبفضل منه وكرمه، والعرب في عصر النبوة وقبله، كانوا أعرف الناس في جيلهم لربهم، فهم كانوا يعرفون الله تعالى الذي خلق الكون وما فيه ومن فيه وحده، وهو الواحد في ذاته وصفاته، ولكنهم بتسلط الأوهام يعبدون معه الأوثان؛ ولذا قال سبحانه:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية