الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والذين يرمون أزواجهم الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن عاصم بن عدي قال : لما نزلت : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء الآية قلت : يا رسول الله، إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء، قد خرج الرجل فلم ألبث إلا أياما، فإذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن، وهي تقول : منك ، وهو يقول : ليس مني ، فنزلت آية اللعان .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 651 ] قال عاصم : فأنا أول من تكلم به، وأول من ابتلي به .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وعبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد وأبو داود ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء الآية قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار : أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ فقالوا : يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور ؛ والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته . فقال سعد : يا رسول الله، إني لأعلم أنها حق، وأنها من الله، ولكني تعجبت أني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى أتي بأربعة شهداء - فوالله - لا آتي بهم حتى يقضي حاجته!

                                                                                                                                                                                                                                      قال : فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية ، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلا، فرأى بعينه وسمع بأذنيه، فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندهم رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني . فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه، واجتمعت الأنصار فقالوا : قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة، الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية، وتبطل [ ص: 652 ] شهادته في المسلمين . فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا . فقال : يا رسول الله، إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به، والله يعلم أني لصادق .

                                                                                                                                                                                                                                      فوالله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلتوالذين يرمون أزواجهم الآية، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا . فقال هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلوا إليها . فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وذكرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، فقال هلال : والله يا رسول الله لقد صدقت عليها . فقالت : كذب . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لاعنوا بينهما . فقيل لهلال : اشهد . فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل لهلال : اتق الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . فقال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها . فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها : اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل لها : اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . فتلكأت ساعة وقالت : والله لا أفضح قومي . [ ص: 653 ] فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أنه لا يدعى لأب، ولا ترمى ولا يرمى ولدها ، من أجل الشهادات الخمس، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليس لها قوت ولا سكنى ولا عدة؛ من أجل أنهما تفرقا من غير طلاق، ولا متوفى عنها .


                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، والترمذي ، وابن ماجه ، عن ابن عباس : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة وإلا حد في ظهرك . فقال : يا رسول الله، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة! فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : البينة وإلا حد في ظهرك . فقال هلال : والذي بعثك بالحق إني لصادق، فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد . فنزل جبريل فأنزل عليه والذين يرمون أزواجهم حتى بلغ إن كان من الصادقين فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟ ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا : إنها موجبة . فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم . فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبصروها؛ فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدلج [ ص: 654 ] الساقين فهو لشريك ابن سحماء . فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرمى امرأته برجل ، فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم حتى فرغ من الآيتين، فأرسل إليهما , فدعاهما فقال : إن الله قد أنزل فيكما . فدعا الرجل فقرأ عليه، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين , ثم أمر به فأمسك على فيه , فوعظه فقال له : كل شيء أهون عليك من لعنة الله . ثم أرسله , فقال : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين , ثم دعا بها فقرأ عليها، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين , ثم أمر بها فأمسك على فيها، فوعظها , وقال : ويحك، كل شيء أهون عليك من غضب الله . ثم أرسلها , فقالت : غضب الله عليها إن كان من الصادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، ومسلم ، وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن امرأتي زنت ، وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه ينكت في الأرض، ثم رفع رأسه فقال : قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فائت بها ، فجاءت فقال : قم فاشهد أربع شهادات، فقام فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين ، فقال له : ويلك أو : [ ص: 655 ] ويحك إنها موجبة ، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم قامت امرأته فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين ، ثم قال : ويلك أو : ويحك إنها موجبة ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ثم قال له : اذهب فلا سبيل لك عليها . فقال : يا رسول الله، مالي ؟ قال : لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد وعبد بن حميد ، والترمذي وصححه ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن مردويه ، عن سعيد بن جبير قال : سئلت عن المتلاعنين أيفرق بينهما؟ فما دريت ما أقول، فقمت من مكاني إلى منزل ابن عمر ، فقلت : أبا عبد الرحمن، المتلاعنين أيفرق بينهما؟ فقال : سبحان الله! نعم، إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال : يا رسول الله، أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة، فإن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك؟ فسكت فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه فقال : إن الذي سألتك عنه قد ابتليت به . فأنزل الله هذه الآية في سورة النور والذين يرمون أزواجهم حتى بلغ أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فبدأ بالرجل فوعظه وذكره، وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال : والذي بعثك بالحق ما كذبتك . ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها، وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت : والذي بعثك بالحق إنه لكاذب . فبدأ بالرجل فشهد [ ص: 656 ] أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، ومسلم ، وأبو داود ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن حبان ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد، فقال رجل من الأنصار : أحدنا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ، اللهم احكم . فنزلت آية اللعان . ، فكان ذلك الرجل أول من ابتلي به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، عن سهل بن سعد قال : جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به، أم كيف يصنع ؟ فسأل عاصم [ ص: 657 ] فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل، فلقيه عويمر فقال : ما صنعت؟ قال : إنك لم تأتني بخير؛ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب المسائل . فقال عويمر والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأسألنه . فأتاه، فوجده قد أنزل عليه ، فدعا بهما، فلاعن بينهما، قال عويمر : إن انطلقت بها يا رسول الله لقد كذبت عليها . ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصارت سنة المتلاعنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبصروها؛ فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين، فلا أراه إلا قد صدق ، وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة، فلا أراه إلا كاذبا، فجاءت به على النعت المكروه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى ، وابن مردويه عن أنس قال : لأول لعان كان في الإسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته ، فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 658 ] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أربعة شهود وإلا فحد في ظهرك ، فقال : يا رسول الله ، إن الله ليعلم أني لصادق ، ولينزلن الله ما يبرئ به ظهري من الجلد ، فأنزل الله آية اللعان : والذين يرمون أزواجهم إلى آخر الآية ، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : اشهد بالله إنك لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا . فشهد بذلك أربع شهادات بالله ، ثم قال له في الخامسة : ولعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنى ، ففعل ، ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : قومي اشهدي بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماك به من الزنى ، فشهدت بذلك أربع شهادات ، ثم قال لها في الخامسة : وغضب الله عليك إن كان من الصادقين فيما رماك به من الزنى . فقالت : فلما كان في الرابعة أو الخامسة سكتت سكتة حتى ظنوا أنها ستعترف ، ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم ، فمضت على القول، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقال : انظروا ، فإن جاءت به جعدا ، حمش الساقين فهو لشريك بن سحماء ، وإن جاءت به أبيض ، سبطا قضيء العينين فهو لهلال بن أمية ، فجاءت به آدم جعدا ، حمش الساقين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا ما نزل فيهما من كتاب الله لكان لي ولها [ ص: 659 ] شأن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي ، وابن مردويه ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن رجلا من الأنصار من بني زريق قذف امرأته فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فردد ذلك عليه أربع مرات، فأنزل الله آية الملاعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أين السائل؟ قد نزل من الله أمر عظيم . فأبى الرجل إلا أن يلاعنها، وأبت إلا أن تدرأ عن نفسها العذاب، فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إما تجيء به أصيفر أحمش مفتول العظام فهو للملاعن، وإما تجيء به أسود كالجمل الأورق فهو لغيره " . فجاءت به أسود كالجمل الأورق، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعله لعصبة أمه وقال : لولا الأيمان التي مضت لكان فيه كذا وكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : لو رأيت مع أم رومان رجلا، ما كنت فاعلا به؟ قال : كنت - والله - فاعلا به شرا . قال : فأنت يا عمر؟ قال : كنت - والله – قاتله . فنزلت : والذين يرمون أزواجهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : رجال إسناده ثقات إلا أن البزار كان يحدث من حفظه فيخطئ .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 660 ] وقد أخرجه ابن مردويه ، وأبو نعيم في " الحلية " ، والديلمي من هذا الطريق، وزاد بعد قوله : كنت قاتله . قال : فأنت يا سهيل بن بيضاء قال : كنت أقول : لعن الله الأبعد فهو خبيث، ولعن الله البعدى فهي خبيثة، ولعن الله أول الثلاثة أخبر بهذا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تأولت القرآن يا ابن بيضاء : والذين يرمون أزواجهم وهذا أصح من قول البزار فنزلت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن زيد بن يثيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر : أرأيت لو وجدت مع أهلك رجلا كيف كنت صانعا؟ قال : إذن لقتلته . ثم قال لعمر ، فقال مثل ذلك ، ثم تتابع القوم على قول أبي بكر وعمر ، ثم قال لسهيل بن البيضاء ، فقال : كنت أقول : لعنك الله فأنت خبيثة ولعنك الله فأنت خبيث، ولعن الله أول الثلاثة منا يخرج هذا الحديث ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تأولت القرآن يا ابن البيضاء لو قتله قتل به، ولو قذفه جلد، ولو قذفها لاعنها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : والذين يرمون أزواجهم قال : هو الرجل يرمي زوجته بالزنى : ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم يعني : ليس للرجل شهداء غيره أن امرأته قد زنت، فرفع ذلك إلى الحكام [ ص: 661 ] ( فشهادة أحدهم ) - يعني الزوج - يقوم بعد الصلاة في المسجد فيحلف أربع شهادات بالله يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانة - يعني امرأته - زانية ، والخامسة أن لعنت الله عليه - يعني على نفسه - ( إن كان من الكاذبين ) في قوله ، ويدرأ : يدفع الحكام عن المرأة ( العذاب ) - يعني الحد - ( أن تشهد أربع شهادات بالله إنه ) - يعني زوجها - ( لمن الكاذبين ) ، فتقوم المرأة مقام زوجها فتقول أربع مرات : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني لست بزانية، وأن زوجي لمن الكاذبين ، والخامسة أن غضب الله عليها ) - يعني : على نفسها ( إن كان ) زوجها ( من الصادقين ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين قال : فإن هي اعترفت رجمت، وإن هي أبت ( ويدرأ عنها العذاب ) قال : عذاب الدنيا : أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ثم يفرق بينهما وتعتد عدة المطلقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمع المتلاعنان أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن علي ، وابن مسعود ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 662 ] وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال : اللعان أعظم من الرجم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : وجبت اللعنة على أكذبهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار ، عن جابر قال : ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية قال سعد بن عبادة : لو أني رأيت أهلي ومعها رجل أنتظر حتى آتي بأربعة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، قال : والذي بعثك بالحق، لو رأيته لعاجلته بالسيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الأنصار، اسمعوا ما يقول سيدكم، إن سعدا لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير مني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم ، وابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة : أيما امرأة أدخلت على قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته ، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 663 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية