الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ؛ النصب أحسن؛ لأن قبله فعلا؛ المعنى: "وجعلنا البدن؛ فنصب بفعل [ ص: 428 ] مضمر؛ الذي ظهر يفسره؛ وإن شئت رفعت على الاستئناف؛ و"البدن"؛ بتسكين الدال؛ وضمها؛ "بدنة"؛ و"بدن"؛ و"بدن"؛ مثل قوله: "ثمرة"؛ وثمر"؛ و"ثمر"؛ وإنما سميت "بدنة"؛ لأنها تبدن؛ أي: تسمن.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فاذكروا اسم الله عليها صواف ؛ "صواف"؛ منصوبة على الحال؛ ولكنها لا تنون؛ لأنها لا تنصرف؛ أي: قد صفت قوائمها؛ أي: فاذكروا اسم الله عليها في حال نحرها؛ والبعير ينحر قائما؛ وهذه الآية تدل على ذلك؛ وتقرأ: "صوافن"؛ و"الصافن": الذي يقوم على ثلاث؛ فالبعير إذا أرادوا نحره تعقل إحدى يديه؛ فهو صافن؛ والجمع "صوافن يا هذا"؛ وقرئت: "صوافي"؛ بالياء؛ وبالفتح؛ بغير تنوين؛ وتفسيره: "خوالص"؛ أي: خالصة لله - عز وجل -؛ لا تشركوا في التسمية على نحرها أحدا.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فإذا وجبت جنوبها ؛ أي: إذا سقطت إلى الأرض؛ فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ؛ بتشديد الراء؛ ويجوز "والمعتري"؛ بالياء؛ ويقال: "وجب الحائط؛ يجب؛ وجبة"؛ إذا سقط؛ و"وجب القلب؛ يجب؛ وجبا؛ ووجيبا"؛ إذا تحرك من فزع؛ و"وجب البيع؛ يجب؛ وجوبا؛ وجبة"؛ والمستقبل في ذلك كله "يجب"؛ وقيل في "القانع": الذي يقنع بما تعطيه؛ وقيل: الذي يقنع باليسير؛ وقيل - وهو مذهب أهل اللغة -: السائل؛ يقال: "قنع الرجل؛ قنوعا"؛ إذا سأل؛ فهو قانع؛ وأنشدوا للشماخ :


                                                                                                                                                                                                                                        لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع



                                                                                                                                                                                                                                        أي: أعف من السؤال؛ و"قنع؛ قناعة"؛ إذا رضي؛ فهو "قنع"؛ و"المعتر": الذي [ ص: 429 ] يعتريك؛ فيطلب ما عندك؛ سألك إذ سئلت عن السؤال؛ وكذلك "المعتري".

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية