الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [39-40] ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون .

                                                                                                                                                                                                                                      ليبين لهم الذي يختلفون فيه وهو الحق ، وأنهم كانوا على الضلالة قبله : وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين أي : في أباطيلهم . لا سيما في إيمانهم بعدم البعث . ولذا تقول لهم الزبانية يوم القيامة : هذه النار التي كنتم بها تكذبون ثم بين عظيم قدرته ، وأنه لا يعجزه شيء ما ، بقوله سبحانه :

                                                                                                                                                                                                                                      إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون أي: فيوجد على ما شاء تكوينه ، كقوله تعالى : وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر وقوله : ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : (قولنا ) مبتدأ ، و ( أن نقول) خبره ، و (كن فيكون) من (كان) التامة التي بمعنى الحدوث والوجود . أي : إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له : احدث ، فهو يحدث عقيب ذلك ، لا يتوقف. وهذا مثل; لأن مرادا لا يمتنع عليه، وأن وجوده عند إرادته تعالى غير متوقف ، كوجود المأمور به عند أمر الآمر المطاع إذا ورد على المأمور المطيع الممتثل . ولا قول ثم . والمعنى : إن إيجاد كل مقدور على الله تعالى بهذه السهولة . فكيف يمتنع عليه البعث الذي هو في شق المقدورات ؟ . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب : فسقط ما قيل : إن ( كن ) إن كان خطابا مع المعدوم فهو محال . وإن كان مع الموجود كان إيجادا للموجود . وفي الآية كلام لطيف مضى في سورة البقرة . فارجع إليه .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم أخبر تعالى عن جزائه للمهاجرين الذين فارقوا الدار والأهل والخلان ; رجاء ثوابه وابتغاء مرضاته ، بقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3811 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية