الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الرابع .

[ في صفة سجود السهو ]

وأما صفة سجود السهو : فإنهم اختلفوا في ذلك : فرأى مالك أن حكم سجدتي السهو إذا كانت بعد السلام أن يتشهد فيها ويسلم منها ، وبه قال أبو حنيفة لأن السجود كله عنده بعد السلام ، وإذا كانت قبل السلام أن يتشهد لها فقط ، وأن السلام من الصلاة هو سلام منها ، وبه قال الشافعي إذا كان السجود كله عنده قبل السلام ، وقد روي عن مالك أنه لا يتشهد للتي قبل السلام ، وبه قال جماعة .

قال أبو عمر : أما السلام من التي بعد السلام فثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأما التشهد فلا أحفظه من وجه ثابت .

وسبب هذا الاختلاف : هو اختلافهم في تصحيح ما ورد من ذلك في حديث ابن مسعود - أعني : من أنه - عليه الصلاة والسلام - " تشهد ثم سلم " - ، وتشبيه سجدتي السهو بالسجدتين الأخيرتين من الصلاة . فمن شبهها بها لم يوجب لها التشهد ، وبخاصة إذا كانت في نفس الصلاة . وقال أبو بكر بن المنذر : اختلف العلماء في هذه المسألة على ستة أقوال :

فقالت طائفة : لا تشهد فيها ولا تسليم ، وبه قال أنس بن مالك والحسن وعطاء .

وقال قوم مقابل هذا وهو : أن فيها تشهدا وتسليما .

[ ص: 166 ] وقال قوم : فيها تشهد فقط دون تسليم ، وبه قال الحكم وحماد والنخعي .

وقال قوم مقابل هذا وهو : أن فيها تسليما وليس فيها تشهد ، وهو قول ابن سيرين .

والقول الخامس : إن شاء تشهد وسلم ، وإن شاء لم يفعل ، وروي ذلك عن عطاء .

والسادس : قول أحمد بن حنبل : إنه إن سجد بعد السلام تشهد ، وإن سجد قبل السلام لم يتشهد ، وهو الذي حكيناه نحن عن مالك . قال أبو بكر قد ثبت : " أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر فيها أربع تكبيرات وأنه سلم " . وفي ثبوت تشهده فيها نظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية