الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            باب صلاة الكسوفين .

                                                                                                                            كذا في النسخ المعتمدة ، ووقع في بعض النسخ الكسوف بالإفراد ومراده به الجنس ، ويقال فيهما خسوفان ، وقيل الكسوف للشمس والخسوف للقمر وهو أشهر ، وقيل عكسه ، وقيل الكسوف أوله والخسوف آخره ، وكسوف الشمس لا حقيقة له عند أهل الهيئة فإنها لا تتغير في نفسها وإنما القمر يحول بيننا وبينها ، وخسوفه له حقيقة فإن ضوأه من ضوئها وسببه حيلولة ظل الأرض بينها وبينه بنقطة التقاطع فلا يبقى فيه ضوء ألبتة ، وكان هذا هو السبب في إيثاره في الترجمة بناء على ما مر من مقابل الأشهر . والأصل في ذلك قوله تعالى { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن } أي عند كسوفهما ، وقوله صلى الله عليه وسلم { إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم } ( هي سنة مؤكدة لذلك ) في حق من يخاطب بالمكتوبات الخمس ولو عبدا أو امرأة ، أو مسافرا ; ولأنه صلى الله عليه وسلم [ ص: 403 ] فعلها لكسوف الشمس كما رواه الشيخان ، ولخسوف القمر كما رواه ابن حبان ; ولأنها ذات ركوع وسجود لا أذان لها كصلاة الاستسقاء وصرفه عن الوجوب ما مر في العيد ، وقول الإمام لا يجوز تركها محمول على الكراهة ، إذ المكروه غير جائز جوازا مستوي الطرفين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            باب صلاة الكسوفين . ( قوله : صلاة الكسوفين ) أي وما يتبع ذلك كما لو اجتمع عيد وجنازة ( قوله : وقيل عكسه ) وقيل الخسوف للكل والكسوف للبعض سم على منهج ا هـ . وظاهره أنه في كل من الشمس والقمر ( قوله : وكان هذا هو السبب ) أي وهو إنكارهم لكسوف الشمس ( قوله : والأصل في ذلك إلخ ) يتأمل وجه الدلالة من الآية ، فإن قول الشارح : أي عند كسوفهما ليس فيها ما يدل عليه الظاهر منها أنها سيقت للرد على من يعبد الكواكب . نعم إن كان سبب نزول الآية ذلك فقريب ( قوله : لموت أحد ولا لحياته ) عبارة الفتح : قوله ولا لحياته استشكلت هذه الزيادة ; لأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت سيدنا إبراهيم ولم يذكروا الحياة . والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول : لا يلزم من نفي كونه سببا للفقد أن لا يكون سببا للإيجاد ، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم انتهى ( قوله : مؤكدة لذلك ) أي للخبر السابق والآية . ولعل وجه الدلالة على التأكيد من الخبر ما أشار إليه من تكرير [ ص: 403 ] ذلك حتى ينكشف ما بهم إلا أن حمله على ظاهره من التكرار مناف لما يأتي أنها لا تعاد إلا في جماعة كما في المكتوبة ( قوله : وصرفه ) أي ما ذكر من الأحاديث ( قوله : ما مر في العيد ) أي من قوله والصارف عن الوجوب خبر { هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع } ( قوله : وقول الإمام ) أي الشافعي ا هـ حج وفي نسخة صحيحة : وقول إمامنا لا يجوز إلخ . وعبارة شرح المنهج : وحملوا قول الشافعي في الأم لا يجوز تركها على كراهته لتأكدها ليوافق كلامه في مواضع أخر .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 402 ] باب صلاة الكسوفين

                                                                                                                            ( قوله : بناء على ما مر من مقابل الأشهر ) يعني المعبر عنه بقوله وقيل عكسه إذ هو المقابل الحقيقي ( قوله : ولا لحياته ) إنما ذكره وإن كان المناسب الاقتصار على ذكر الموت ، إذ القصد من هذا الحديث خشية اعتقاد أن الكسوف وقع لموت سيدنا إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم لذكره مقابله كما يقول الإنسان إذا قيل له كل لا آكل [ ص: 403 ] ولا أشرب ، أو قيل له أنت فعلت كذا لا فعلت ولا تركت وهذا أولى مما في حاشية الشيخ ( قوله : وصرفه عن الوجوب ما مر في العيد ) وتقدم ما فيه .




                                                                                                                            الخدمات العلمية