الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 181 ] ( الفصل الأول ) :

                          ( في مساوئ النفس العقلية والخلقية وسيئات الأعمال والعادات وفيه إحدى وعشرون مسألة ) :

                          ( المسألة الأولى : خسارة النفس ) :

                          أبدأ بهذه المسألة وإن كانت نتيجة تابعة لمفاسد ذكرت في هذه السورة قبلها لغفلة أكثر الناس في عصرنا عنها ، على تكرار ذكرها في القرآن ، وانفراده دون جميع كتب العلم البشرية والسماوية بالتذكير بها ، فقال هنا في الظالمين لأنفسهم بالافتراء على الله الصادين عن سبيله يبغونها عوجا ، الذين فقدوا الاستعداد للانتفاع بسمعهم وأبصارهم : - أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون - 21 و 22 ثم ذكر أضدادهم من المؤمنين الصالحين ، وضرب للفريقين مثل الأعمى والأصم والبصير والسميع ، فكان هذا آخر ما افتتحت به السورة من الكلام في رسالة خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - معنى هذه الخسارة هنا يفهم مما قبل الآيتين وما بعدهما ، وخلاصته : أن فطرتهم الإنسانية فسدت كلها ففقدت استعدادها الخاص بها إلخ ، أرأيت من خسر نفسه فأي شيء بقي له ؟ أيغني عنه ربح تجارته وكثرة ماله وجاهه بالباطل ؟ كلا ، إنك تفهم من معنى هذه الكلمة الكبيرة المرعبة باستعمال عوام المصريين لها ما لا تفهمه من مثل تفسير الجلالين ، يقولون فيمن فسد خلقه وضاع شرفه وصار مهينا محتقرا : فلان خسر - أي ذهبت مزاياه وفضائله حتى لم تبق له قيمة في الوجود .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية