الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون

                                                                                                                                                                                                                                        ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ) خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم وللأمة أوله ولمن معه ومن للبيان ( ليستخلفنهم في الأرض ) ليجعلنهم خلفاء متصرفين في الأرض تصرف الملوك في مماليكهم ، وهو جواب قسم مضمر تقديره وعدهم الله وأقسم ليستخلفنهم ، أو الوعد في تحققه منزل منزلة القسم . ( كما استخلف [ ص: 113 ] الذين من قبلهم ) يعني بني إسرائيل استخلفهم في مصر والشام بعد الجبابرة ، وقرأ أبو بكر بضم التاء وكسر اللام وإذا ابتدأ ضم الألف والباقون بفتحهما وإذا ابتدءوا كسروا الألف . ( وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم ) وهو الإسلام بالتقوية والتثبيت . ( وليبدلنهم من بعد خوفهم ) من الأعداء ، وقرأ ابن كثير وأبو بكر بالتخفيف . ( أمنا ) منهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكثوا بمكة عشر سنين خائفين ، ثم هاجروا إلى المدينة وكان يصبحون في السلاح ويمسون فيه حتى أنجز الله وعده فأظهرهم على العرب كلهم وفتح لهم بلاد الشرق والغرب ، وفيه دليل على صحة النبوة للإخبار عن الغيب على ما هو به وخلافة الخلفاء الراشدين إذ لم يجتمع الموعود والموعود عليه لغيرهم بالإجماع . وقيل الخوف من العذاب والأمن منه في الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                        ( يعبدونني ) حال من الذين لتقييد الوعد بالثبات على التوحيد ، أو استئناف ببيان المقتضي للاستخلاف والأمن . ( لا يشركون بي شيئا ) حال من الواو أي يعبدونني غير مشركين . ( ومن كفر ) ومن ارتد أو كفر هذه النعمة . ( بعد ذلك ) كبعد الوعد أو حصول الخلافة . ( فأولئك هم الفاسقون ) الكاملون في فسقهم حيث ارتدوا بعد وضوح مثل هذه الآيات ، أو كفروا تلك النعمة العظيمة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية