الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين تعالى من مثالب المشركين بقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [56-57] ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تالله لتسألن عما كنتم تفترون ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجعلون لما لا يعلمون أي : لآلهتهم التي لا علم لها ؛ لأنها جماد : نصيبا مما رزقناهم أي : من الزرع والأنعام وغيرهما تقربا إليها : تالله لتسألن عما كنتم تفترون أي : من أنها آلهة يتقرب إليها . ومر نظير الآية في سورة الأنعام في قوله سبحانه : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا الآية ، فانظر تفصيلها ثمة .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون هذا بيان لعظيمة من عظائمهم ، وهو جعلهم الملائكة الذين هم عباد الرحمن بنات لله ، فنسبوا له تعالى ولدا ولا ولد له . واجترءوا على التفوه بمثل ذلك ، وعلى نسبة أدنى القسمين له من الأولاد ، وهو البنات ، وهم لا يرضونها لأنفسهم ؛ لأنهم يشتهون الذكور ، أي : يختارونهم لأنفسهم ويأنفون من البنات . وقد نزه مقامه الأقدس عن ذلك بقوله : سبحانه أي : عن إفكهم وقولهم . وفيه تعجب من جراءتهم على التفوه بهذا المنكر من القول ، ومن مقاسمتهم لجلاله بالاستئثار كما قال سبحانه : ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا [ ص: 3819 ] قسمة ضيزى وقال تعالى : ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون أصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون ثم أشار إلى شدة كراهتهم للإناث ، بما يمثل عظم تلك النسبة إلى الجناب الأقدس وفظاعتها ، بقوله سبحانه وتعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية