1847 - مسألة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=24203عدم الصداق بعد قبضها له - بأي وجه - كأن تلف ، أو
[ ص: 81 ] أنفقته : لم يرجع عليها بشيء ، والقول قولها في ذلك مع يمينها ، فإن وطئها قبل الدخول أو بعده : فلها المهر كله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : إن كان المهر شيئا بعينه فتلف في يد الزوج ، فإن كانت قد طلبته منه فمنعها فهو غاصب وعليه ضمانه كله لها ، أو ضمان نصفه إن طلقها قبل الدخول ، فإن كان لم يمنعها إياه فهو تالف من مال المرأة ، ولا ضمان على الزوج فيه ، ولا في نصفه ، وطئها أو طلقها قبل الوطء .
وإن كان شيئا يصفه فهو ضامن له بكل حال ، أو لنصفه إن طلقها قبل الدخول فإن كانت المرأة قد قبضته ، فسواء كان بعينه أو بصفة ، فإن تلف عندها فهو من مصيبة الزوج إن طلقها قبل الدخول ، لأن الله تعالى يقول : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237فنصف ما فرضتم } .
فإنما أوجب له الرجوع إن كان قد دفعه إليها بنصف ما دفع ، لا بنصف شيء غيره ، والذي دفع إليها هو الذي فرض لها ، سواء كان شيئا بعينه أو شيئا بصفة .
ولو لم يكن الذي دفع إليها هو الذي فرض لها لكان لا يبرأ أبدا مما عليه - فصح يقينا أنه إذا دفع إليها غير ما فرض لها ، أو على الصفة التي عقد معها فقد دفع إليها ما فرض لها بلا شك .
وإذا دفع إليها ما فرض لها فقد قبضت حقها ، فإن تلف فلم تتعد ولا ظلمت فلا ضمان عليها فإن أكلته أو باعته أو وهبته أو لبسته فأفنت أو أعتقته إن كان مملوكا ، فلم تتعد في كل ذلك بل أحسنت .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ما على المحسنين من سبيل } فلا ضمان عليها ، لأنها حكمت في مالها وحقها ، وإنما الضمان على من أكل بالباطل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإن بقي عندها النصف فهو له ، وكذلك لو بقي بيده النصف فهو لها ، فلو تعدت أو تعدى عليه ضمن أو ضمنت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة :
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، في كل
nindex.php?page=treesubj&link=24203ما هلك بيدها من الصداق بفعلها أو بغير فعلها فهي ضامنة له قيمة نصفه إن طلقها قبل الوطء - وهذا قول فاسد ، لما وصفنا من أنه يقضى لها بنصف غير الذي فرض لها ، وهذا خلاف القرآن ، وقد قلنا : إنها لم تعتد فلا ضمان عليها .
[ ص: 82 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ما
nindex.php?page=treesubj&link=24203تلف بيدها من غير فعلها ثم طلقها قبل الدخول فلا شيء له عليها .
قال : فلو أكلته أو وهبته ، أو كان مملوكا فأعتقته أو باعته ، ثم طلقها قبل الدخول : ضمنت له نصف ما أخذت إن كان له مثل ، أو نصف قيمته إن كان مما لا مثل له ، فإن كانت ابتاعت بذلك شورة فليس له إلا نصف الشيء الذي اشترت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذه مناقضات ظاهرة ; لأنه فرق بين ما أكلت ووهبت وأعتقت ، وبين ما تلف بغير فعلها ، ولا فرق بين شيء من ذلك ، لأنها في كل ذلك غير متعدية ، ولا ظالمة ، فلا شيء له عليها .
ثم فرق بين ما أعتقت وأكلت ووهبت ، وبين ما اشترت به شورة - وهذا قول لا يعضده برهان من قرآن ، ولا سنة صحيحة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا من قول صاحب ، ولا من قياس .
وادعوا في ذلك عمل أهل
المدينة ، وهذا احتجاج فاسد ، لأنه إن كان ذلك عمل الأئمة الذين كانوا بالمدينة - رضي الله عنهم - فيعيذهم الله تعالى من أن لا يأمروا بالحق عمالهم
بالعراق والشام وسائر البلاد - وهذا باطل مقطوع به ممن ادعاه عليهم .
فإن ادعوا أنهم فعلوا فبدل ذلك أهل الأمصار كانت دعوى فاسدة ، ولم يكن فقهاء الأمصار أولى بالتبديل من تابعي
المدينة .
وكل هذا باطل قد أعاذ الله جميعهم من ذلك فصح أنه اجتهاد من كل طائفة قصدت به الخير - وبالله تعالى التوفيق .
1847 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=24203عُدِمَ الصَّدَاقُ بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ - بِأَيِّ وَجْهٍ - كَأَنْ تَلِفَ ، أَوْ
[ ص: 81 ] أَنْفَقَتْهُ : لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهَا ، فَإِنْ وَطِئَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ : فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : إنْ كَانَ الْمَهْرُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ فَتَلِفَ فِي يَدِ الزَّوْجِ ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ طَلَبَتْهُ مِنْهُ فَمَنَعَهَا فَهُوَ غَاصِبٌ وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ كُلُّهُ لَهَا ، أَوْ ضَمَانُ نِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمْنَعْهَا إيَّاهُ فَهُوَ تَالِفٌ مِنْ مَالِ الْمَرْأَةِ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الزَّوْجِ فِيهِ ، وَلَا فِي نِصْفِهِ ، وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ .
وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَصِفُهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ بِكُلِّ حَالٍ ، أَوْ لِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ قَبَضَتْهُ ، فَسَوَاءٌ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِصِفَةٍ ، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهَا فَهُوَ مِنْ مُصِيبَةِ الزَّوْجِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } .
فَإِنَّمَا أَوْجَبَ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهَا بِنِصْفِ مَا دَفَعَ ، لَا بِنِصْفِ شَيْءٍ غَيْرِهِ ، وَاَلَّذِي دَفَعَ إلَيْهَا هُوَ الَّذِي فَرَضَ لَهَا ، سَوَاءٌ كَانَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ أَوْ شَيْئًا بِصِفَةٍ .
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهَا هُوَ الَّذِي فَرَضَ لَهَا لَكَانَ لَا يَبْرَأُ أَبَدًا مِمَّا عَلَيْهِ - فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهَا غَيْرَ مَا فَرَضَ لَهَا ، أَوْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَقَدَ مَعَهَا فَقَدْ دَفَعَ إلَيْهَا مَا فَرَضَ لَهَا بِلَا شَكٍّ .
وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهَا مَا فَرَضَ لَهَا فَقَدْ قَبَضَتْ حَقَّهَا ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَمْ تَتَعَدَّ وَلَا ظَلَمَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا فَإِنْ أَكَلَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ أَوْ لَبِسَتْهُ فَأَفْنَتْ أَوْ أَعْتَقَتْهُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا ، فَلَمْ تَتَعَدَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَلْ أَحْسَنَتْ .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا ، لِأَنَّهَا حَكَمَتْ فِي مَالِهَا وَحَقِّهَا ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَكَلَ بِالْبَاطِلِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : فَإِنْ بَقِيَ عِنْدَهَا النِّصْفُ فَهُوَ لَهُ ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَقِيَ بِيَدِهِ النِّصْفُ فَهُوَ لَهَا ، فَلَوْ تَعَدَّتْ أَوْ تَعَدَّى عَلَيْهِ ضَمِنَ أَوْ ضَمِنَتْ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ :
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، فِي كُلِّ
nindex.php?page=treesubj&link=24203مَا هَلَكَ بِيَدِهَا مِنْ الصَّدَاقِ بِفِعْلِهَا أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهَا فَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ قِيمَةَ نِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ - وَهَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ ، لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى لَهَا بِنِصْفِ غَيْرِ الَّذِي فَرَضَ لَهَا ، وَهَذَا خِلَافُ الْقُرْآنِ ، وَقَدْ قُلْنَا : إنَّهَا لَمْ تَعْتَدَّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا .
[ ص: 82 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : مَا
nindex.php?page=treesubj&link=24203تَلِفَ بِيَدِهَا مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا .
قَالَ : فَلَوْ أَكَلَتْهُ أَوْ وَهَبَتْهُ ، أَوْ كَانَ مَمْلُوكًا فَأَعْتَقَتْهُ أَوْ بَاعَتْهُ ، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ : ضَمِنَتْ لَهُ نِصْفَ مَا أَخَذَتْ إنْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ ، أَوْ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ ، فَإِنْ كَانَتْ ابْتَاعَتْ بِذَلِكَ شُورَةً فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَتْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذِهِ مُنَاقَضَاتٌ ظَاهِرَةٌ ; لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَا أَكَلَتْ وَوَهَبَتْ وَأَعْتَقَتْ ، وَبَيْنَ مَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهَا ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ غَيْرُ مُتَعَدِّيَةٍ ، وَلَا ظَالِمَةٍ ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا .
ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ مَا أَعْتَقَتْ وَأَكَلَتْ وَوَهَبَتْ ، وَبَيْنَ مَا اشْتَرَتْ بِهِ شُورَةً - وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُعَضِّدُهُ بُرْهَانٌ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ، وَلَا مِنْ رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ ، وَلَا مِنْ قِيَاسٍ .
وَادَّعَوْا فِي ذَلِكَ عَمَلَ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ ، وَهَذَا احْتِجَاجٌ فَاسِدٌ ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ عَمَلَ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَيُعِيذُهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنْ لَا يَأْمُرُوا بِالْحَقِّ عُمَّالَهُمْ
بِالْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَسَائِرِ الْبِلَادِ - وَهَذَا بَاطِلٌ مَقْطُوعٌ بِهِ مِمَّنْ ادَّعَاهُ عَلَيْهِمْ .
فَإِنْ ادَّعَوْا أَنَّهُمْ فَعَلُوا فَبَدَّلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ كَانَتْ دَعْوَى فَاسِدَةً ، وَلَمْ يَكُنْ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَوْلَى بِالتَّبْدِيلِ مِنْ تَابِعِي
الْمَدِينَةِ .
وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ قَدْ أَعَاذَ اللَّهُ جَمِيعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَصَحَّ أَنَّهُ اجْتِهَادٌ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ قَصَدَتْ بِهِ الْخَيْرَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .