الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : المجتهد قبل أن يجتهد ممنوع من التقليد ، وقيل : فيما لا يخصه ، وقيل : فيما لا يفوت وقته ، وقيل : إلا أن يكون أعلم منه .

            وقال الشافعي : إلا أن يكون صحابيا .

            وقيل : أرجح ، فإن استووا تخير .

            وقيل : أو تابعيا .

            وقيل غير ممنوع .

            وبعد الاجتهاد اتفاق .

            لنا : حكم شرعي ، فلا بد من دليل ، والأصل عدمه ، بخلاف النفي ، فإنه يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت .

            وأيضا : متمكن من الأصل ، فلا يجوز البدل ، كغيره . واستدل : لو جاز قبله ، لجاز بعده .

            [ ص: 329 ] وأجيب بأنه بعده حصل الظن الأقوى .

            التالي السابق


            ش - اختلفوا في أن المجتهد هل يجوز له التقليد قبل الاجتهاد أم لا ؟ والمختار عند المصنف أن المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد ، وقيل : إن المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد فيما لا يخصه ، أي فيما يفتي فيه ، ولا يكون ممنوعا من التقليد فيما يخصه ، أي فيما يتعلق بنفسه .

            وقيل : إنما يجوز التقليد فيما يخصه إذا فات الوقت إن اشتغل بالاجتهاد .

            وقيل : المجتهد قبل الاجتهاد ممنوع من التقليد ، إلا أن يكون مقلده أعلم منه .

            وقال الشافعي : إنما يجوز التقليد إذا كان مقلده صحابيا ، وقيل : يجوز له تقليد الصحابي إذا كان الصحابي أرجح في نظره من غيره ، وإن استووا في نظره ، تخير في تقليد من شاء .

            وقيل : يجوز للمجتهد التقليد إذا كان مقلده صحابيا أو تابعيا .

            وقيل : المجتهد غير ممنوع عن التقليد مطلقا .

            [ ص: 330 ] هذا إذا كان التقليد قبل الاجتهاد ، أما إذا كان بعد الاجتهاد ، فممنوع بالاتفاق .

            احتج المصنف على المذهب المختار بوجهين :

            الأول : أن جواز تقليد المجتهد حكم شرعي ، فلا بد له من دليل ، إذ لا يثبت حكم شرعي بدون دليل ، وإلا يلزم تكليف الغافل ، لكن بحثنا عنه ولم نجد ما يصلح أن يكون دليلا على جواز تقليد المجتهد ، والأصل عدم الدليل .

            فإن قيل : هذا معارض بأن عدم جواز تقليد المجتهد أيضا حكم شرعي ، فلا بد له من دليل ، والأصل عدمه .

            أجيب بأن عدم الجواز نفي ، والنفي يكفي فيه انتفاء دليل الثبوت .

            والثاني : أن الاجتهاد أصل ، والتقليد بدل ، والمجتهد متمكن من الاجتهاد الذي هو الأصل ، فلا يجوز البدل كغيره ، مثل الوضوء والتيمم فإن البدل يصار إليه عند العجز عن الأصل .

            واستدل على عدم جواز تقليد المجتهد قبل الاجتهاد بأنه لو جاز تقليد المجتهد قبل الاجتهاد لجاز له التقليد بعده ، والتالي باطل بالاتفاق .

            بيان الملازمة أن المانع من التقليد هو تمكن المجتهد من معرفة [ ص: 331 ] الحكم بالاجتهاد ، وهو مشترك في الحالين ، فإن منع ذلك عن التقليد بعد الاجتهاد ، منع عن التقليد قبله ، وإن لم يكن مانعا عن الاجتهاد بعده ، لم يكن مانعا عن الاجتهاد قبله .

            أجاب بأن الحاصل بعد الاجتهاد هو الظن الأقوى من الظن الحاصل من التقليد ، فلا جرم منع من التقليد ، وقبل الاجتهاد لم يكن الظن حاصلا فضلا عن الظن الأقوى ، فلا جرم لا يكون التقليد ممنوعا .




            الخدمات العلمية