الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تعليم الصبيان القرآن

حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير قال : إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم ، قال : وقال ابن عباس : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم .

حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : جمعت المحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : وما المحكم ؟ قال : المفصل .

انفرد بإخراجه البخاري ، وفيه دلالة على جواز تعلم الصبيان القرآن ؛ لأن ابن عباس أخبر عن سنه حين موت الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد كان جمع المفصل ، وهو من الحجرات ، كما تقدم ذلك ، وعمره آنذاك عشر سنين . وقد روى البخاري أنه قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مختون . وكانوا لا يختنون الغلام حتى يحتلم ، فيحتمل أنه تجوز في هذه الرواية بذكر العشر ، وترك ما زاد عليها من [ ص: 75 ] الكسر ، والله أعلم .

وعلى كل تقدير ، ففيه دلالة على جواز تعليمهم القرآن في الصبا ، وهو ظاهر ، بل قد يكون مستحبا أو واجبا ؛ لأن الصبي إذا تعلم القرآن بلغ وهو يعرف ما يصلي به ، وحفظه في الصغر أولى من حفظه كبيرا ، وأشد علوقا بخاطره وأرسخ وأثبت ، كما هو المعهود من حال الناس ، وقد استحب بعض السلف أن يترك الصبي في ابتداء عمره قليلا للعب ، ثم توفر همته على القراءة ، لئلا يلزم أولا بالقراءة فيملها ويعدل عنها إلى اللعب ، وكره بعضهم تعليمهم القرآن وهو لا يعقل ما يقال له ، ولكن يترك حتى إذا عقل وميز علم قليلا قليلا بحسب همته ونهمته وحفظه وجودة ذهنه ، واستحب عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، أن يلقن خمس آيات خمس آيات ، رويناه عنه بسند جيد .

التالي السابق


الخدمات العلمية