الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( ومن أصول أهل السنة : التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات ، كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها ، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة ، وهي موجودة فيها [ ص: 287 ] إلى يوم القيامة ) .

      التالي السابق


      ش وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة ، ودلت الوقائع قديما وحديثا على وقوع كرامات الله لأوليائه المتبعين لهدي أنبيائهم .

      والكرامة أمر خارق للعادة ، يجريه الله على يد ولي من أوليائه ؛ معونة له على أمر ديني أو دنيوي .

      ويفرق بينها وبين المعجزة بأن المعجزة تكون مقرونة بدعوى الرسالة ، بخلاف الكرامة .

      ويتضمن وقوع هذه الكرامات حكما ومصالح كثيرة ؛ أهمها :

      أولا : أنها كالمعجزة ، تدل أعظم دلالة على كمال قدرة الله ، ونفوذ مشيئته ، وأنه فعال لما يريد ، وأن له فوق هذه السنن والأسباب المعتادة سننا أخرى لا يقع عليها علم البشر ، ولا تدركها أعمالهم .

      فمن ذلك قصة أصحاب الكهف ، والنوم الذي أوقعه الله بهم في تلك المدة الطويلة ، مع حفظه تعالى لأبدانهم من التحلل والفناء .

      ومنها ما أكرم الله به مريم بنت عمران من إيصال الرزق إليها وهي في المحراب ؛ حتى عجب من ذلك زكريا عليه السلام ، وسألها : أنى لك هذا .

      وكذلك حملها بعيسى بلا أب ، وولادتها إياه ، وكلامه في المهد ، وغير ذلك .

      [ ص: 288 ] ثانيا : أن وقوع كرامات الأولياء هو في الحقيقة معجزة للأنبياء ؛ لأن تلك الكرامات لم تحصل لهم إلا ببركة متابعتهم لأنبيائهم ، وسيرهم على هديهم .

      ثالثا : أن كرامات الأولياء هي البشرى التي عجلها الله لهم في الدنيا ؛ فإن المراد بالبشرى كل أمر يدل على ولايتهم وحسن عاقبتهم ، ومن جملة ذلك الكرامات .

      هذا ؛ ولم تزل الكرامات موجودة لم تنقطع في هذه الأمة إلى يوم القيامة ، والمشاهدة أكبر دليلا .

      وأنكرت الفلاسفة كرامات الأولياء كما أنكروا معجزات الأنبياء ، وأنكرت الكرامات أيضا المعتزلة ، وبعض الأشاعرة ؛ بدعوى التباسها بالمعجزة ، وهي دعوى باطلة ؛ لأن الكرامة كما قلنا لا تقترن بدعوى الرسالة .

      لكن يجب التنبه إلى أن ما يقوم به الدجاجلة والمشعوذون من أصحاب الطرق المبتدعة الذين يسمون أنفسهم بالمتصوفة من أعمال ومخاريق شيطانية ؛ كدخول النار ، وضرب أنفسهم بالسلاح ، والإمساك بالثعابين ، والإخبار بالغيب . . إلى غير ذلك ؛ ليس من الكرامات في [ ص: 289 ] شيء ؛ فإن الكرامة إنما تكون لأولياء الله بحق ، وهؤلاء أولياء الشيطان .




      الخدمات العلمية