ولما أخبر (تعالى) أنه بعث الرسل؛ وكان عاقبة من كذبهم الهلاك؛ بدلالة آثارهم؛ وكانوا قد قدحوا في الرسالة؛ بكون الرسول بشرا؛ ثم بكونه ليس معه ملك يؤيده؛ رد ذلك بقوله - مخاطبا لأشرف خلقه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم -؛ لكونه أفهمهم عنه؛ مع أنه أجل من توكل وصبر؛ عائدا إلى مظهر الجلال؛ بيانا لأنه يظهر من يشاء على من يشاء -:
nindex.php?page=treesubj&link=30614_31791_32223_34274_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا ؛ أي: بما لنا من العظمة؛ ولما كان الإرسال بالفعل إنما كان في بعض الأزمنة؛ دل عليه
[ ص: 167 ] بالجار؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43من قبلك ؛ إلى الأمم من طوائف البشر؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43إلا رجالا ؛ لا ملائكة؛ بل آدميين؛ هم في غاية الاقتدار على التوكل؛ والصبر؛ الذي هو محط الرجلة؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43نوحي إليهم ؛ بواسطة الملائكة؛ وما أحسن تعقيب ذلك للصابرين! لأن الرسل أصبر الناس.
ولما كانوا قد فزعوا إلى سؤال أهل الكتاب في بعض الأمور؛ وكانوا قد أوتوا علما من عند الله؛ سبب عن هذا الإخبار الأمر بسؤالهم عن ذلك؛ فقال - مخاطبا لهم؛ ولكل من أراد الاستثبات من غيرهم -:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فاسألوا ؛ أي: أيها المكذبون؛ ومن أراد؛ من سواهم؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43أهل الذكر ؛ أي: العلم بالكتاب؛ سمي ذكرا لأن الذكر - الذي هو ضد السهو - بمنزلة السبب المؤدي إليه؛ فأطلق عليه؛ كأن الجاهل ساه؛ وإن لم يكن ساهيا؛ وكذا الذكر - الذي هو الكلام المذكور - سبب للعلم.
ولما كان عندهم حس من ذلك؛ بسماع أخبار الأمم قبلهم؛ أشار إليه بقوله (تعالى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43إن كنتم ؛ أي: جبلة؛ وطبعا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43لا تعلمون ؛ أو هو التنفير من الرضا بالجهل.
وَلَمَّا أَخْبَرَ (تَعَالَى) أَنَّهُ بَعَثَ الرُّسُلَ؛ وَكَانَ عَاقِبَةُ مَنْ كَذَّبَهُمُ الْهَلَاكَ؛ بِدَلَالَةِ آثَارِهِمْ؛ وَكَانُوا قَدْ قَدَحُوا فِي الرِّسَالَةِ؛ بِكَوْنِ الرَّسُولِ بَشَرًا؛ ثُمَّ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مَعَهُ مَلَكٌ يُؤَيِّدُهُ؛ رَدَّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - مُخَاطِبًا لِأَشْرَفِ خَلْقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -؛ لِكَوْنِهِ أَفْهَمَهُمْ عَنْهُ؛ مَعَ أَنَّهُ أَجَلُّ مَنْ تَوَكَّلَ وَصَبَرَ؛ عَائِدًا إِلَى مَظْهَرِ الْجَلَالِ؛ بَيَانًا لِأَنَّهُ يُظْهِرُ مَنْ يَشَاءُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ -:
nindex.php?page=treesubj&link=30614_31791_32223_34274_28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا ؛ أَيْ: بِمَا لَنَا مِنَ الْعَظَمَةِ؛ وَلَمَّا كَانَ الْإِرْسَالُ بِالْفِعْلِ إِنَّمَا كَانَ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ؛ دَلَّ عَلَيْهِ
[ ص: 167 ] بِالْجَارِّ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43مِنْ قَبْلِكَ ؛ إِلَى الْأُمَمِ مِنْ طَوَائِفِ الْبَشَرِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43إِلا رِجَالا ؛ لَا مَلَائِكَةً؛ بَلْ آدَمِيِّينَ؛ هُمْ فِي غَايَةِ الِاقْتِدَارِ عَلَى التَّوَكُّلِ؛ وَالصَّبْرِ؛ الَّذِي هُوَ مَحَطُّ الرِّجْلَةِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43نُوحِي إِلَيْهِمْ ؛ بِوَاسِطَةِ الْمَلَائِكَةِ؛ وَمَا أَحْسَنَ تَعْقِيبَ ذَلِكَ لِلصَّابِرِينَ! لِأَنَّ الرُّسُلَ أَصْبَرُ النَّاسِ.
وَلَمَّا كَانُوا قَدْ فَزِعُوا إِلَى سُؤَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ؛ وَكَانُوا قَدْ أُوتُوا عِلْمًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؛ سَبَّبَ عَنْ هَذَا الْإِخْبَارِ الْأَمْرَ بِسُؤَالِهِمْ عَنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ - مُخَاطِبًا لَهُمْ؛ وَلِكُلٍّ مَنْ أَرَادَ الِاسْتِثْبَاتَ مِنْ غَيْرِهِمْ -:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43فَاسْأَلُوا ؛ أَيْ: أَيُّهَا الْمُكَذِّبُونَ؛ وَمَنْ أَرَادَ؛ مِنْ سِوَاهُمْ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43أَهْلَ الذِّكْرِ ؛ أَيْ: الْعِلْمِ بِالْكِتَابِ؛ سُمِّيَ ذِكْرًا لِأَنَّ الذِّكْرَ - الَّذِي هُوَ ضِدُّ السَّهْوِ - بِمَنْزِلَةِ السَّبَبِ الْمُؤَدِّي إِلَيْهِ؛ فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ؛ كَأَنَّ الْجَاهِلَ سَاهٍ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاهِيًا؛ وَكَذَا الذِّكْرُ - الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ - سَبَبٌ لِلْعِلْمِ.
وَلَمَّا كَانَ عِنْدَهُمْ حِسٌّ مِنْ ذَلِكَ؛ بِسَمَاعِ أَخْبَارِ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ؛ أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ (تَعَالَى):
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43إِنْ كُنْتُمْ ؛ أَيْ: جِبِلَّةً؛ وَطَبْعًا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43لا تَعْلَمُونَ ؛ أَوْ هُوَ التَّنْفِيرُ مِنَ الرِّضَا بِالْجَهْلِ.