الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل ويشترط أن يجد طريقا آمنا ولو كان غير الطريق المعتاد ويمكن سلوكه برا أو بحرا [ خلافا لقول الشافعي ] غالبه السلامة ، لحديث عبد الله بن عمرو { لا يركب البحر إلا حاجا أو معتمرا أو غازيا في سبيل الله } رواه أبو داود وسعيد بن منصور ، قال البخاري : لا يصح .

                                                                                                          وقال ابن عبد البر : لا يصححه أهل العلم ، رواته مجهولون لا يعرفون .

                                                                                                          وقال الخطابي : ضعفوه ، ورواه ابن أبي شيبة عن مجاهد ، وذكر مالك عن عمر وعمر بن عبد العزيز أنهما منعا من ركوبه مدة زمانهما ، وضعفه بعضهم ، قال صاحب المحرر : ولأنه يجوز سلوكه بأموال اليتامى ، فأشبه البر ، وإن سلم فيه قوم وهلك قوم ولا غالب ، فذكر ابن عقيل عن القاضي : يلزمه ، ولم يخالفه ، وجزم الشيخ وغيره : لا يلزمه .

                                                                                                          وقال في منتهى الغاية : الظاهر يخرج على الوجهين إذا استوى الحرير والكتان ( م 13 ) وقال [ ص: 232 ] ابن الجوزي : العاقل إذا أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك وجب عليه الكف عن سلوكها ، واختاره شيخنا وقال : أعان على نفسه فلا يكون شهيدا ، وإن غلب الهلاك لم يلزمه سلوكه ، كذا ذكروه وذكره صاحب المحرر إجماعا في البحر ، وأن عليه يحمل ما رواه أحمد مرفوعا : { من ركب البحر عند ارتجاجه فمات برئت منه الذمة } ويعتبر أن لا يكون في الطريق خفارة ، لأنها رشوة ، ولا يتحقق الأمن ببذلها وقال ابن حامد : إن كانت الخفارة لا تجحف بماله لزمه بذلها ، وقيده في منتهى الغاية باليسيرة ، وأمن الغدر من المبذول له ، لتوقف إمكان الحج عليها ، كثمن الماء ، والله أعلم .

                                                                                                          وقال شيخنا : الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر ، ولا يجوز مع عدمها ، كما يأخذه السلطان من الرعايا .

                                                                                                          [ ص: 231 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 231 ] ( مسألة 13 ) قوله : وإن سلم فيه قوم وهلك قوم ولا غالب فذكر ابن عقيل [ ص: 232 ] عن القاضي : يلزمه ، ولم يخالفه ، وجزم الشيخ وغيره : لا يلزمه .

                                                                                                          وقال في منتهى الغاية : الظاهر يخرج على الوجهين إذا استوى الحرير والكتان ، انتهى ما قاله القاضي ولم يخالفه ابن عقيل جزم به في التلخيص والنظم ، وما جزم به الشيخ الموفق وغيره جزم به في الشرح ، وهو الصواب ، قال في الرعاية الكبرى : ويركب البحر مع أمنه غالبا .

                                                                                                          ( قوله ) : " وإن سلم فيه قوم وهلك قوم " ليس هذا في نسخة المصنف ، وإنما فيها " وإن سلم فيه قوم ونجا قوم " فأصلح كما ترى ، وهو صحيح ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية