الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الحادية عشرة

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يأيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم } .

                                                                                                                                                                                                              فيها ثلاث مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : قوله : { كتاب كريم }

                                                                                                                                                                                                              فيه ستة أقوال :

                                                                                                                                                                                                              الأول : لختمه ، وكرامة الكتاب ختمه .

                                                                                                                                                                                                              الثاني : لحسن ما فيه من بلاغة وإصابة معنى .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : كرامة صاحبه ; لأنه ملك .

                                                                                                                                                                                                              الرابع : كرامة رسوله ; لأنه طائر ; وما عهدت الرسل منها .

                                                                                                                                                                                                              الخامس : لأنه بدأ فيه ببسم الله .

                                                                                                                                                                                                              السادس : لأنه بدأ فيه بنفسه ، ولا يفعل ذلك إلا الجلة .

                                                                                                                                                                                                              وفي حديث ابن عمر أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه : لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين ; إني أقر لك بالسمع والطاعة ما استطعت ، وإن بني قد أقروا لك بذلك .

                                                                                                                                                                                                              وهذه الوجوه كلها صحيحة . وقد روي أنه لم يكتب بسم الله الرحمن الرحيم أحد قبل سليمان . [ ص: 486 ]

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية :

                                                                                                                                                                                                              الوصف الكريم في الكتاب غاية الوصف ; ألا ترى إلى قوله : { إنه لقرآن كريم } . وأهل الزمان يصفون الكتاب بالخطير ، وبالأثير ، وبالمبرور ; فإن كان لملك قالوا : العزيز ; وأسقطوا الكريم غفلة ، وهو أفضلها خصلة . فأما الوصف بالعزيز فقد اتصف به القرآن أيضا ; فقال : { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } .

                                                                                                                                                                                                              فهذه عزته ، وليست لأحد إلا له ; فاجتنبوها في كتبكم ، واجعلوا بدلها العالي ، توقية لحق الولاية ، وحياطة للديانة .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية