الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما بين في الآية المتقدمة حال قصر الصلاة بحسب الكمية في العدد ، بين في هذه الآية حالها في الكيفية ، وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 20 ] المسألة الأولى : قال أبو يوسف ، والحسن بن زياد : صلاة الخوف كانت خاصة للرسول صلى الله عليه وسلم ولا تجوز لغيره ، وقال المزني : كانت ثابتة ثم نسخت . واحتج أبو يوسف على قوله بوجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن قوله تعالى : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) ظاهره يقتضي أن إقامة هذه الصلاة مشروطة بكون النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ؛ لأن كلمة "إذا" تفيد الاشتراط .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن تغيير هيئة الصلاة أمر على خلاف الدليل ، إلا أنا جوزنا ذلك في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتحصل للناس فضيلة الصلاة خلفه ، وأما في حق غير الرسول عليه الصلاة والسلام فهذا المعنى غير حاصل ؛ لأن فضيلة الصلاة خلف الثاني كهي خلف الأول ، فلا يحتاج هناك إلى تغيير هيئة الصلاة ، وأما سائر الفقهاء فقالوا : لما ثبت هذا الحكم في حق النبي صلى الله عليه وسلم بحكم هذه الآية وجب أن يثبت في حق غيره ؛ لقوله تعالى : ( واتبعوه ) [الأعراف : 158] . ألا ترى أن قوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم ) [التوبة : 103] لم يوجب كون الرسول صلى الله عليه وسلم مخصوصا به دون غيره من الأمة بعده ، وأما التمسك بلفظ " إذا " فالجواب : أن مقتضاه هو الثبوت عند الثبوت ، أما العدم عند العدم فغير مسلم ، وأما التمسك بإدراك فضيلة الصلاة خلف النبي صلى الله عليه وسلم فليس يجوز أن يكون علة لإباحة تغيير الصلاة ؛ لأنه لا يجوز أن يكون طلب الفضيلة يوجب ترك الفرض ، فاندفع هذا الكلام والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية