الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1858 - مسألة : قال أبو محمد : ولا يجوز نكاح المتعة ، وهو النكاح إلى أجل ، وكان حلالا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نسخها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم نسخا باتا إلى يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 128 - 129 ] وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من السلف - رضي الله عنهم - منهم من الصحابة - رضي الله عنهم - أسماء بنت أبي بكر الصديق ، وجابر بن عبد الله ، وابن مسعود .

                                                                                                                                                                                          وابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن حريث ، وأبو سعيد الخدري ، وسلمة ، ومعبد ابنا أمية بن خلف

                                                                                                                                                                                          ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدة أبي بكر ، وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر .

                                                                                                                                                                                          واختلف في إباحتها عن ابن الزبير ، وعن علي فيها توقف .

                                                                                                                                                                                          وعن عمر بن الخطاب أنه إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط ، وأباحها بشهادة عدلين .

                                                                                                                                                                                          ومن التابعين : طاوس ، وعطاء ، وسعيد بن جبير ، وسائر فقهاء مكة أعزها الله .

                                                                                                                                                                                          وقد تقصينا الآثار المذكورة في كتابنا الموسوم ب " الإيصال "

                                                                                                                                                                                          وصح تحريمها عن ابن عمر ، وعن ابن أبي عمرة الأنصاري .

                                                                                                                                                                                          واختلف فيها : عن علي ، وعمر ، وابن عباس ، وابن الزبير .

                                                                                                                                                                                          وممن قال بتحريمها وفسخ عقدها من المتأخرين : أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو سليمان . [ ص: 130 ]

                                                                                                                                                                                          وقال زفر : يصح العقد ويبطل الشرط .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : لقد صح تحريم الشغار ، والموهوبة ، فأباحوها ، وهي في التحريم أبين من المتعة ولكنهم لا يبالون بالتناقض .

                                                                                                                                                                                          ونقتصر من الحجة في تحريمها على خبر ثابت - وهو ما رويناه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " فذكر الحديث وفيه فقال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب ويقول : { من كان تزوج امرأة إلى أجل فليعطها ما سمى لها ، ولا يسترجع مما أعطاها شيئا ، ويفارقها ، فإن الله قد حرمها عليكم إلى يوم القيامة } .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : ما حرم إلى يوم القيامة فقد أمنا نسخه .

                                                                                                                                                                                          وأما قول زفر ففاسد ، لأن العقد لم يقع إلا على أجل مسمى .

                                                                                                                                                                                          فمن أبطل هذا الشرط وأجاز العقد ، فإنه ألزمهما عقدا لم يتعاقداه قط ، ولا التزماه قط ، لأن كل ذي حس سليم يدري بلا شك أن العقد المعقود إلى أجل هو غير العقد الذي هو إلى غير أجل [ بلا شك ] .

                                                                                                                                                                                          فمن الباطل إبطال عقد تعاقداه وإلزامهما عقدا لم يتعاقداه ، وهذا لا يحل ألبتة إلا أن يأمرنا به الذي أمرنا بالصلاة والزكاة والصوم والحج ، لا أحد دونه - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية