الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [81] والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      والله جعل لكم مما خلق أي : من الشجر والجبال والأبنية وغيرها : ظلالا أي : أفياء تستظلون بها من حر الشمس : وجعل لكم من الجبال أكنانا أي : بيوتا ومعاقل وحصونا تستترون بها : وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر جمع سربال ، وهو كل [ ص: 3845 ] ما يلبس من القطن والصوف ونحوها . وإنما خص الحر ؛ اكتفاء بذكر أحد الضدين عن ذكر الآخر . أو لأن الوقاية من الحر أهم عند العرب ؛ لشدته بأكثر بلادهم وخصوصا قطان الحجاز وهم الأصل في هذا الخطاب . قيل : يبعده ذكر وقاية البرد سابقا في قوله : لكم فيها دفء وهو وجه الاقتصار على الحر هنا ، لتقدم ذكر خلافه : وسرابيل تقيكم بأسكم كالدروع من الحديد والزرد ونحوها ، التي يتقى بها سلاح العدو في الحرب : كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون أي : إرادة أن تنظروا فيما أسبغ عليكم من النعم الظاهرة والباطنة والأنفسية والآفاقية ، فتسلموا وجوهكم إليه تعالى ، وتؤمنوا به وحده .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو السعود : وإفراد النعمة ، إما لأن المراد بها المصدر ، أو لإظهار أن ذلك بالنسبة إلى جانب الكبرياء شيء قليل . وقرئ ( تسلمون ) بفتح اللام أي : من العذاب أو الجراح .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية