الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وعنه قال كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض .

                                                            التالي السابق


                                                            الحديث الثامن .

                                                            وعنه قال كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض .

                                                            (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) اتفق عليه الشيخان من هذا الوجه من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر

                                                            وله عنه طرق .

                                                            (الثانية) الحديبية بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وإسكان الياء المثناة من تحت وكسر الباء الموحدة ، وفتح الياء المثناة من تحت وتخفيفها ، وكثير من المحدثين يشددونها ، والصواب تخفيفها ، وهي قرية قريبة من مكة سميت ببئر فيها ، والمراد بيوم الحديبية عمرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه رضي الله عنهم في ذي القعدة سنة ست من الهجرة فصد عن البيت ، وصالح قريشا على الاعتمار فاعتمر من قابل ، وهي المسماة بعمرة القضة ، وهي في ذي القعدة سنة سبع .

                                                            (الثالثة) فيه أن أهل الحديبية كانوا ألفا وأربعمائة ، وفي رواية لهما أنهم ألف وخمسمائة ، وفي أخرى أنهم ألف وثلثمائة ، والروايات الثلاث في الصحيحين ، وذكر موسى بن عقبة عن جابر أنهم كانوا ألفا ، وستمائة ، وأكثر ، ورواية الصحيحين أنهم ألف وأربعمائة وكذا ذكر البيهقي أن أكثر الروايات ألف وأربعمائة قال النووي في شرح مسلم ، ويمكن أن يجمع بينها بأنهم كانوا أربعمائة وكسرا فمن قال أربعمائة لم يعتبر الكسر ومن قال وخمسمائة اعتبره ، ومن قال : وثلثمائة ترك بعضهم لأنه لم يتيقن العد أو لغير ذلك انتهى .

                                                            وليس في هذا الجمع تعرض لرواية وستمائة ، وينافي هذا الجمع [ ص: 208 ] أيضا ما حكاه محمد بن سعد عن بعضهم أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين رجلا ، وأحرم معه زوجته أم سلمة رضي الله عنها .

                                                            وأما ما رواه ابن إسحاق في السيرة عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم أنهم كانوا سبعمائة رجل فكأنه كان في مبدأ خروجهم من المدينة قبل أن يلحقهم من لحقهم من غيرها ، والله أعلم .

                                                            (الرابعة) ، وفيه فضيلة ظاهرة لأهل الحديبية ، وهم أهل بيعة الرضوان الذين نزل فيهم قوله تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة الآية ، وفي الحديث لا يلج النار أحد شهد بدرا ، والحديبية ، وهم المرادون في قوله تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار في قول بعضهم ، وقال آخرون هم أهل بدر .

                                                            (الخامسة) أورده المصنف رحمه الله في كتاب الجهاد ، وإن كان هذا السفر إنما كان سفر اعتمار لكن وقعت فيه البيعة على الجهاد .




                                                            الخدمات العلمية