الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) المختار أنه - عليه السلام - لا يقر على خطأ في اجتهاده .

            وقيل : بنفي الخطأ .

            لنا : لو امتنع ، لكان لمانع ، والأصل عدمه .

            وأيضا : ( لم أذنت ) ، ( ما كان لنبي ) حتى قال : " لو نزل من السماء عذاب ، ما نجا منه غير عمر " ; لأنه أشار بقتلهم .

            وأيضا : " إنكم تختصمون إلي ، ولعل أحدكم ألحن بحجته ، فمن قضيت له بشيء من مال أخيه ، فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار " .

            وقال : أنا أحكم بالظاهر .

            وأجيب بأن الكلام في الأحكام ، لا في فصل الخصومات . ورد بأنه مستلزم للحكم الشرعي المحتمل [ ص: 342 ] .

            التالي السابق


            ش - اختلفوا في جواز خطأ الرسول - عليه السلام - في اجتهاده ، والمختار عند المصنف جواز خطئه في الاجتهاد ، ولكن لا يقر على خطأ في اجتهاده .

            وقيل بنفي الخطأ عن اجتهاده .

            واحتج المصنف على المختار بالمعقول والكتاب والسنة .

            أما المعقول ; فلأنه لو لم يجز خطؤه في الاجتهاد ، لكان لمانع ، ضرورة كونه غير ممتنع لذاته . والأصل عدم المانع ، فمن قال بالمانع ، فعليه البيان .

            وأما الكتاب ، فقوله - تعالى : عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين .

            فإنه يدل على خطئه في الإذن ، وهو بالاجتهاد ; لأنه لو كان بالوحي ، لما عاتبه عليه .

            وقوله - تعالى - في أسارى بدر : ( ما كان لنبي أن يكون له أسرى ) حتى قال النبي - عليه السلام : " لو نزل من السماء عذاب ، ما نجا منه غير عمر " ; لأنه أشار بقتلهم ، ونهى عن [ ص: 343 ] أخذ الفداء .

            وذلك يدل على خطئه في أخذ الفداء .

            وأما السنة ، فقوله - عليه السلام : " إنما أنا بشر ، وإنكم تختصمون إلي ، ولعل أحدكم ألحن بحجته ، فأقضي على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه ، فلا يأخذنه ، فإنما أقطع له قطعة من نار " .

            [ ص: 344 ] وذلك يدل على أنه قضى بما لا يكون مطابقا في نفس الأمر ، فيكون خطأ .

            وقوله : " ألحن بحجته " ، أي أفطن لها .

            وأيضا : قوله - عليه السلام : إنما أحكم بالظاهر ، والله يتولى السرائر . يدل على جواز خطئه .

            وقد أجيب عن هذا بأن هذا الدليل لا يدل على المتنازع فيه ، فإن الكلام في جواز خطئه في الأحكام ، لا في فصل الخصومات . وهذا يدل على جواز خطئه في فصل الخصومات .

            ورد هذا الجواب بأن جواز الخطأ في فصل الخصومات يستلزم جواز الخطأ في الأحكام ، وذلك لأن المال المنازع فيه بين الخصمين مثلا يحتمل أن يكون حراما على من أباح له النبي - عليه السلام - فيلزم جواز الخطأ في الحكم الشرعي المحتمل ، وهو كونه حلالا عليه اجتهادا .




            الخدمات العلمية