الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله تعالى : كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب

قوله تعالى : كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم أي أرسلناك كما أرسلنا الأنبياء من قبلك ; قاله الحسن . وقيل : شبه الإنعام على من أرسل إليه محمد - عليه السلام - بالإنعام على من أرسل إليه الأنبياء قبله .

لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك يعني القرآن .

وهم يكفرون بالرحمن قال مقاتل وابن جريج : نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا أن يكتبوا كتاب الصلح ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو والمشركون : ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة ، يعنون مسيلمة الكذاب ; اكتب باسمك اللهم ، وهكذا كان أهل الجاهلية يكتبون ; فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقال مشركو قريش : لئن كنت رسول الله ثم قاتلناك وصددناك لقد ظلمناك ، ولكن اكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ; فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 278 ] دعنا نقاتلهم ; فقال : لا ولكن اكتب ما يريدون فنزلت . وقال ابن عباس : نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن فنزلت . قل هو ربي لا إله إلا هو

قل هو ربي لا إله إلا هو قل لهم يا محمد : الذي أنكرتم . هو ربي لا إله إلا هو ولا معبود سواه ; هو واحد بذاته ; وإن اختلفت أسماء صفاته .

عليه توكلت واعتمدت ووثقت . وإليه متاب أي مرجعي غدا ، واليوم أيضا عليه توكلت ووثقت ، رضا بقضائه ، وتسليما لأمره . وقيل : سمع أبو جهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو في الحجر ويقول : ( يا الله يا رحمن ) فقال : كان محمد ينهانا عن عبادة الآلهة وهو يدعو إلهين ; فنزلت هذه الآية ، ونزل . قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن .

التالي السابق


الخدمات العلمية