الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 30 ] ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) ( ها ) للتنبيه في : ( ها أنتم ) ، و ( هؤلاء ) وهما مبتدأ وخبر ، ( جادلتم ) جملة مبينة لوقوع ( أولاء ) خبرا ، كما تقول لبعض الأسخياء : أنت حاتم تجود بمالك وتؤثر على نفسك ، ويجوز أن يكون : ( أولاء ) اسما موصولا بمعنى الذي ، و ( جادلتم ) صلة ، وأما الجدال فهو في اللغة : عبارة عن شدة المخاصمة ، وجدل الحبل : شدة فتله ، ورجل مجدول : كأنه فتل ، والأجدل : الصقر ؛ لأنه من أشد الطيور قوة . هذا قول الزجاج . وقال غيره : سميت المخاصمة جدالا ؛ لأن كل واحد من الخصمين يريد ميل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : هذا خطاب مع قوم من المؤمنين ، كانوا يذبون عن طعمة ، وعن قومه ؛ بسبب أنهم كانوا في الظاهر من المسلمين ، والمعنى : هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وقومه في الدنيا ، فمن الذين يخاصمون عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه . وقرأ عبد الله بن مسعود : ها أنتم هؤلاء جادلتم عنه ، يعني : عن طعمة ، وقوله : ( فمن يجادل الله عنهم ) استفهام بمعنى التوبيخ والتقريع .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية