الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( أم من يكون عليهم وكيلا ) فقوله : ( أم من يكون ) عطف على الاستفهام السابق ، والوكيل : هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية ، والمعنى : من الذي يكون محافظا ومحاميا لهم من عذاب الله ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد في هذا الباب أتبعه بالدعوة إلى التوبة ، وذكر فيه ثلاثة أنواع من الترغيب .

                                                                                                                                                                                                                                            فالأول : قوله تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

                                                                                                                                                                                                                                            والمراد بالسوء : القبيح الذي يسوء به غيره ، كما فعل طعمة من سرقة الدرع ، ومن رمي اليهودي بالسرقة ، والمراد بظلم النفس : ما يختص به الإنسان كالحلف الكاذب ، وإنما خص ما يتعدى إلى الغير باسم السوء ؛ لأن ذلك يكون في الأكثر إيصالا للضرر إلى الغير ، والضرر سوء حاضر ، فأما الذنب الذي يخص الإنسان فذلك في الأكثر لا يكون ضررا حاضرا ؛ لأن الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن هذه الآية دالة على حكمين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن التوبة مقبولة عن جميع الذنوب سواء كانت كفرا أو قتلا ، عمدا أو غصبا للأموال ؛ لأن قوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ) عم الكل .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن ظاهر الآية يقتضي أن مجرد الاستغفار كاف ، وقال بعضهم : أنه مقيد بالتوبة ؛ لأنه لا ينفع الاستغفار مع الإصرار ، وقوله : ( يجد الله غفورا رحيما ) معناه : غفورا رحيما له ، وحذف هذا القيد لدلالة الكلام عليه ، فإنه لا معنى للترغيب [ ص: 31 ] في الاستغفار إلا إذا كان المراد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            والنوع الثاني : من الكلمات المرغبة في التوبة :

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية