الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الثالث : السارق ، وشرطه التكليف والاختيار والالتزام ، فلا قطع على صبي ومجنون ومكره وحربي ، وفي السكران الخلاف [ ص: 142 ] السابق في الطلاق وغيره ، ويقطع المسلم والذمي بسرقة مال المسلم والذمي ، وكذا يحد الذمي إذا زنى ، ثم في " التهذيب " وغيره أنا إذا ألزمنا حاكمها الحكم بينهم أقام عليه الحد وقطعه ، وإن لم يرض وإن لم يلزمه الحكم ، لم يحده ولم يقطعه إلا برضاه ، سواء من مسلم أو ذمي ، وإن كان يجب الحكم بين المسلم والذمي بلا خلاف ؛ لأن القطع حق الله تعالى ، لا حق المسروق منه ، وأشار الإمام إلى الجزم بأنه يقطع إذا سرق مال مسلم ولا يتوقف على رضاه ، وذكر أنه إذا سرق مال ذمي ، لم يقطع حتى يترافعوا إلينا ، ويجيء القولان في إجبار الممتنع إذا جاءنا الخصم ، قال : ولو زنى بمسلمة ، ففي كلام بعض الأصحاب أن الحد على القولين ، قال الإمام : هذا غلط ، والصواب الجزم بإقامة الحد قهرا ، وإن كان ذلك لله تعالى ؛ لأنا لو فوضنا الأمر إلى رضاه ، لجر ذلك فضيحة عظيمة ، وغايتنا أن نحكم بنقض العهد ، وإذا طلب تجديده ، وجب التجديد ، وكيف قدر الخلاف ، فالمذهب أنه لا يشترط رضاه على الإطلاق ، كما سبق في بابي الزنى والنكاح ، وأما المعاهد ومن دخل بأمان ، ففيه أقوال ، أظهرها عند الأصحاب ، وهو نصه في أكثر كتبه : لا يقطع ؛ لأنه لم يلتزم ، فأشبه الحربي ، والثاني : يقطع كالذمي ، وكحد القذف والقصاص . والثالث وهو حسن : إن شرط عليه في العهد قطعه إن سرق ، قطع ، وإلا فلا ، ومنهم من اكتفى على هذا القول بأن يشرط عليه أن لا يسرق ، ومنهم من قطع بالتفصيل ، ومنهم من قطع بنفي القطع ، ولا خلاف أنه يسترد المسروق أو بدله إن تلف ، ولو سرق مسلم مال معاهد ، قال الإمام : التفصيل فيه كالتفصيل في معاهد سرق مال مسلم ، ولو زنى معاهد بمسلمة فطريقان ، أحدهما : أن في حد الزنى الخلاف ، كالقطع ، والثاني : الجزم بأن لا حد ؛ لأنه محض حق الله تعالى لا يتعلق بخصومة آدمي وطلبه ، وهذا موافق لنقل [ ص: 143 ] العراقيين ، والبغوي ، وفي انتقاض عهد المعاهد بالسرقة أوجه ، ثالثها : إن شرط أن لا يسرق ، انتقض ، وإلا فلا .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        سواء في وجوب القطع الرجل والمرأة والعبد الآبق وغيره .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية