الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين

                                                                                                                                                                                                هذه الآية تقرير وإيضاح للتي قبلها . والوعد الحسن : الثواب ؛ لأنه منافع دائمة على وجه التعظيم والاستحقاق ، وأي شيء أحسن منها ، ولذلك سمى الله الجنة بالحسنى . و "لاقيه" كقوله تعالى : ولقاهم نضرة وسرورا [الإنسان : 11 ] ، وعكسه فسوف يلقون غيا [مريم : 59 ] . من المحضرين من الذين أحضروا النار . ونحوه : لكنت من المحضرين [ ص: 518 ] [الصافات : 57 ] ، فكذبوه فإنهم لمحضرون قيل : نزلت في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي جهل . وقيل : في علي وحمزة وأبي جهل . وقيل : في عمار بن ياسر والوليد بن المغيرة . فإن قلت : فسر لي الفاءين وثم ، وأخبرني عن مواقعها . قلت : قد ذكر في الآية التي قبلها متاع الحياة الدنيا وما عند الله وتفاوتهما ، ثم عقبه بقوله : أفمن وعدناه على معنى : أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا ، فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها . وأما الثانية فللتسبيب ؛ لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير . وأما " ثم" فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع ، لا لتراخي وقته عن وقته . وقرئ : "ثم هو" بسكون الهاء ، كما قيل عضد في عضد ، تشبيها للمنفصل بالمتصل . وسكون الهاء في : فهو ، وهو ، ولهو : أحسن ؛ لأن الحرف الواحد لا ينطق به وحده فهو كالمتصل .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية