الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 187 ] الزيادة في نسب الشيخ .


( 657 ) والشيخ إن يأت ببعض نسب من فوقه فلا تزد واجتنب      ( 658 ) إلا بفصل نحو هو أو يعني
أو جئ بأن وانسبن المعني      ( 659 ) أما إذا الشيخ أتم النسبا
في أول الجزء فقط فذهبا      ( 660 ) الأكثرون لجواز أن يتم
ما بعده والفصل أولى وأتم

الفصل الثامن : ( الزيادة ) على الرواية ( في نسب الشيخ ) حيث لم يقع فيها أصلا ، أو وقع لكن بأول المروي دون باقي أحاديثه .

( والشيخ إن يأت ) في حديثه لك ( ببعض نسب من فوقه ) شيخه أو غيره ، كأن يقتصر على الاسم فقط ، أو مع اسم الأب ، أو على الأب فقط ، أو على الكنية ، أو نحو ذلك مما لا تتم المعرفة به لكل أو تتم .

( فلا تزد ) أيها الراوي على ما حدثك به شيخك ، ( واجتنب ) إدراجه فيه ( إلا بفصل ) يتميز به الزائد ( نحو هو ) ابن فلان الفلاني ، ( أو يعني ) ابن فلان ، أو نحو ذلك ، كما روى الخطيب عن أحمد أنه كان إذا جاء الرجل غير منسوب قال : يعني ابن فلان .

وهو في ( الصحيحين ) وغيرهما كثير ، ( أو جئ بأن ) بفتح الهمزة وتشديد النون .

( وانسبن ) بنون التأكيد المشددة ( المعني ) بالإشارة ، كما روى البرقاني في ( اللقط ) له عن علي بن المديني قال : إذا حدثك الرجل فقال : ثنا فلان . ولم ينسبه ، وأحببت أن تنسبه فقل : ثنا فلان ، أن فلان بن فلان الفلاني حدثه .

وممن لا يستجيز إيراده إلا بـ " هو " أو " يعني " مسلم ; لكونه والحالة هذه إخبارا [ ص: 188 ] عن شيخه بما لم يخبره به ، وعلى كل حال فهما أولى من " أن " ; لأنه أقرب إلى الإشعار بحقيقة الحال ، وإن اصطلح المتأخرون على التصرف في أسماء الرواة وأنسابهم بالزيادة والنقص ، وبزيادة تعيين تاريخ السماع ، والقارئ ، والمخرج ، ونحو ذلك ما لم يصلوا إلى المصنفين ، بل وربما لقبوا الراوي بما لا يسمح به الراوي عنه المضاف ذلك إليه ، كأن يقال : أنا ابن الصلاح ، أنا العلامة الإمام أوحد الزمان فلان . مع كون ابن الصلاح لو عرض عليه هذا في حق شيخه لأباه ، وهو توسع أشار ابن دقيق العيد إلى منعه .

( أما ) وهو القسم الثاني ( إذا الشيخ ) الذي حدثك ( أتم النسبا ) لشيخه أو من فوقه ( في أول الجزء ) أو الكتاب ( فقط ) ، واقتصر في باقيه على اسمه خاصة ، أو نسبه ، كما يقع في " حديث المخلص " حيث يقال في أول الجزء : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، ابن بنت أحمد بن منيع . ثم يقتصر فيما بعده على : حدثنا عبد الله .

( فذهبا الأكثرون ) من العلماء كما حكاه الخطيب عنهم ( لجواز أن يتم ما بعده ) أي : ما بعد الأول اعتمادا على ذكره كذلك أولا ، سواء فصل ، يعني بما تقدم ، أم لا .

والفرق بينه وبين ما قبله أن هناك لم يذكر المدرج أصلا ، فهو إدراج لشيء لم يسمعه ، فوجب الفصل فيه ، ( والفصل ) هنا ( أولى ) لما فيه من الإفصاح بصورة الحال ، وعدم الإدراج ، ( وأتم ) لجمعه بين الأمرين .

وقد صرح بالأولوية بعضهم كما نقله عنه الخطيب ، واستحسنه ، وخدش ما حكاه عن شيخه أبي بكر أحمد بن علي [ ص: 189 ] الأصبهاني نزيل نيسابور ، وأحد الحفاظ المجودين أهل الورع والدين حيث قال : وسألته عن أحاديث كثيرة رواها لنا قال فيها : أنا أبو عمرو ابن حمدان ، أن أبا يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي أخبرهم ، وأنا أبو بكر بن المقرئ ، أن إسحاق بن أحمد بن نافع حدثهم ، وأنا أبو أحمد الحافظ ، أن أبا يوسف محمد بن سفيان الصفار أخبرهم . فذكر لي أن هذه الأحاديث سمعها على شيوخه في جملة نسخ نسبوا الذين حدثوه بها في أولها ، واقتصروا في بقيتها على ذكر أسمائهم . بأن قوما من الرواة كانوا يقولون فيما أجيز ، يعني لشيوخهم : أنا فلان ، أن فلانا حدثهم . كما تقدم في : كيف يقول من روى بالمناولة ؟ قبيل قسم المكاتبة ، مع حكاية من أنكر هذا الصنيع .

وقال الخطيب : فاستعمل ما ذكرت ، فإنه أنفى للظنة . يعني في كونه إجازة ، وإن كان المعنى في العبارتين واحدا ، وحينئذ ، فأولاها - كما قال ابن الصلاح - هو ، ثم " يعني " ، ثم " إن " ، ثم إيراد ما ذكر أولا ، ومن منع الرواية بالمعنى لا يجيز الأخير .

التالي السابق


الخدمات العلمية