(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا ) .
اعلم أن هذه الآية مكررة في هذه السورة ، وفي تكرارها فائدتان :
الأولى : أن عمومات الوعيد وعمومات
[ ص: 37 ] الوعد متعارضة في القرآن ، وأنه تعالى ما أعاد آية من آيات الوعيد بلفظ واحد مرتين ، وقد أعاد هذه الآية الدالة على العفو والمغفرة بلفظ واحد في سورة واحدة ، وقد اتفقوا على أنه لا فائدة في التكرير إلا التأكيد ، فهذا يدل على أنه تعالى خص جانب الوعد والرحمة بمزيد التأكيد ، وذلك يقتضي
nindex.php?page=treesubj&link=28851ترجيح الوعد على الوعيد .
والفائدة الثانية : أن الآيات المتقدمة إنما نزلت في سارق الدرع ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول ) إلى آخر الآيات ، إنما نزلت في ارتداده ، فهذه الآية إنما يحسن اتصالها بما قبلها لو كان المراد أن ذلك السارق لو لم يرتد لم يصر محروما عن رحمتي ، ولكنه لما ارتد وأشرك بالله صار محروما قطعا عن رحمة الله ، ثم إنه أكد ذلك بأن شرح أن
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30539أمر الشرك عظيم عند الله ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) يعني : ومن لم يشرك بالله لم يكن ضلاله بعيدا ، فلا جرم لا يصير محروما عن رحمتي ، وهذه المناسبات دالة قطعا على دلالة هذه الآية ، على أن ما سوى الشرك مغفور قطعا ، سواء حصلت التوبة أو لم تحصل ، ثم إنه تعالى بين كون الشرك ضلالا بعيدا فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لعنه الله ) " إن " ههنا معناه : النفي ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) [النساء : 159] . و ( يدعون ) بمعنى يعبدون ؛ لأن من عبد شيئا فإنه يدعوه عند احتياجه إليه ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إلا إناثا ) فيه أقوال :
الأول : أن المراد هو الأوثان ، وكانوا يسمونها باسم الإناث كقولهم : اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، واللات : تأنيث الله ، والعزى : تأنيث العزيز . قال
الحسن :
nindex.php?page=treesubj&link=29433لم يكن حي من أحياء العرب إلا ولهم صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان ، ويدل على صحة هذا التأويل قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- : إلا أوثانا ، وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إلا أثنا ، جمع وثن ، مثل أسد وأسد ، ثم أبدلت من الواو المضمومة همزة نحو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=11وإذا الرسل أقتت ) [المرسلات : 11] . قال
الزجاج : وجائز أن يكون أثن أصلها أثن ، فأتبعت الضمة الضمة .
القول الثاني : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إلا إناثا ) أي : إلا أمواتا ، وفي تسمية الأموات إناثا وجهان :
الأول : أن الإخبار عن الموات يكون على صيغة الإخبار عن الأنثى ، تقول : هذه الأحجار تعجبني : كما تقول : هذه المرأة تعجبني .
الثاني : أن الأنثى أخس من الذكر ، والميت أخس من الحي ، فلهذه المناسبة أطلقوا اسم الأنثى على الجمادات الموات .
القول الثالث : أن بعضهم كان يعبد الملائكة ، وكانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=27إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى ) [النجم : 27] . والمقصود من الآية
nindex.php?page=treesubj&link=30554_28675هل إنسان أجهل ممن أشرك خالق السماوات والأرض وما بينهما جمادا يسميه بالأنثى ؟ .
ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117nindex.php?page=treesubj&link=28975_28798_29567وإن يدعون إلا شيطانا مريدا ) قال المفسرون : كان في كل واحد من تلك الأوثان شيطان يتراءى للسدنة يكلمهم ، وقال
الزجاج : المراد بالشيطان ههنا إبليس بدليل أنه تعالى قال بعد هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ) ولا شك أن قائل هذا القول هو إبليس ، ولا يبعد أن الذي تراءى للسدنة هو إبليس ، وأما المريد فهو المبالغ في العصيان الكامل في البعد من الطاعة ، ويقال له : مارد ومريد ، قال
الزجاج : يقال : حائط ممرد أي : مملس ، ويقال : شجرة مرداء إذا تناثر ورقها ، والذي لم تنبت له لحية يقال له : أمرد لكون موضع اللحية أملس ، فمن كان شديد البعد عن الطاعة يقال له : مريد ومارد ؛ لأنه مملس عن طاعة الله ، لم يلتصق به من هذه الطاعة شيء .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ) .
اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُكَرَّرَةٌ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، وَفِي تَكْرَارِهَا فَائِدَتَانِ :
الْأُولَى : أَنَّ عُمُومَاتِ الْوَعِيدِ وَعُمُومَاتِ
[ ص: 37 ] الْوَعْدِ مُتَعَارِضَةٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى مَا أَعَادَ آيَةً مِنْ آيَاتِ الْوَعِيدِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ ، وَقَدْ أَعَادَ هَذِهِ الْآيَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي التَّكْرِيرِ إِلَّا التَّأْكِيدُ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ جَانِبَ الْوَعْدِ وَالرَّحْمَةِ بِمَزِيدِ التَّأْكِيدِ ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي
nindex.php?page=treesubj&link=28851تَرْجِيحَ الْوَعْدِ عَلَى الْوَعِيدِ .
وَالْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي سَارِقِ الدِّرْعِ ، وَقَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ ) إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي ارْتِدَادِهِ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ إِنَّمَا يَحْسُنُ اتِّصَالُهَا بِمَا قَبْلَهَا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ السَّارِقَ لَوْ لَمْ يَرْتَدَّ لَمْ يَصِرْ مَحْرُومًا عَنْ رَحْمَتِي ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا ارْتَدَّ وَأَشْرَكَ بِاللَّهِ صَارَ مَحْرُومًا قَطْعًا عَنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ أَكَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ شَرَحَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675_30539أَمْرَ الشِّرْكِ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) يَعْنِي : وَمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ لَمْ يَكُنْ ضَلَالُهُ بَعِيدًا ، فَلَا جَرَمَ لَا يَصِيرُ مَحْرُومًا عَنْ رَحْمَتِي ، وَهَذِهِ الْمُنَاسَبَاتُ دَالَّةٌ قَطْعًا عَلَى دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ ، عَلَى أَنَّ مَا سِوَى الشِّرْكِ مَغْفُورٌ قَطْعًا ، سَوَاءٌ حَصَلَتِ التَّوْبَةُ أَوْ لَمْ تَحْصُلْ ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ كَوْنَ الشِّرْكِ ضَلَالًا بَعِيدًا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لَعَنَهُ اللَّهُ ) " إِنْ " هَهُنَا مَعْنَاهُ : النَّفْيُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=159وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) [النِّسَاءِ : 159] . وَ ( يَدْعُونَ ) بِمَعْنَى يَعْبُدُونَ ؛ لِأَنَّ مَنْ عَبَدَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَدْعُوهُ عِنْدَ احْتِيَاجِهِ إِلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِلَّا إِنَاثًا ) فِيهِ أَقْوَالٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوْثَانُ ، وَكَانُوا يُسَمُّونَهَا بَاسْمِ الْإِنَاثِ كَقَوْلِهِمْ : اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ الثَّالِثَةُ الْأُخْرَى ، وَاللَّاتُ : تَأْنِيثُ اللَّهِ ، وَالْعُزَّى : تَأْنِيثُ الْعَزِيزِ . قَالَ
الْحَسَنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29433لَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ إِلَّا وَلَهُمْ صَنَمٌ يَعْبُدُونَهُ وَيُسَمُّونَهُ أُنْثَى بَنِي فُلَانٍ ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- : إِلَّا أَوْثَانًا ، وَقِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : إِلَّا أُثْنًا ، جَمْعُ وَثَنٍ ، مِثْلَ أَسَدٍ وَأُسْدٍ ، ثُمَّ أُبْدِلَتْ مِنَ الْوَاوِ الْمَضْمُومَةِ هَمْزَةً نَحْوَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=11وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ) [الْمُرْسَلَاتِ : 11] . قَالَ
الزَّجَّاجُ : وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أُثُنٌ أَصْلُهَا أُثْنٌ ، فَأَتْبَعَتِ الضَّمَّةُ الضَّمَّةَ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِلَّا إِنَاثًا ) أَيْ : إِلَّا أَمْوَاتًا ، وَفِي تَسْمِيَةِ الْأَمْوَاتِ إِنَاثًا وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنِ الْمَوَاتِ يَكُونُ عَلَى صِيغَةِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْأُنْثَى ، تَقُولُ : هَذِهِ الْأَحْجَارُ تُعْجِبُنِي : كَمَا تَقُولُ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ تُعْجِبُنِي .
الثَّانِي : أَنَّ الْأُنْثَى أَخَسُّ مِنَ الذَّكَرِ ، وَالْمَيِّتُ أَخَسُّ مِنَ الْحَيِّ ، فَلِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ أَطْلَقُوا اسْمَ الْأُنْثَى عَلَى الْجَمَادَاتِ الْمَوَاتِ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنْ بَعْضَهُمْ كَانَ يَعْبُدُ الْمَلَائِكَةَ ، وَكَانُوا يَقُولُونَ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=27إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى ) [النَّجْمِ : 27] . وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=30554_28675هَلْ إِنْسَانٌ أَجْهَلُ مِمَّنْ أَشْرَكَ خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا جَمَادًا يُسَمِّيهِ بِالْأُنْثَى ؟ .
ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117nindex.php?page=treesubj&link=28975_28798_29567وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا ) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَوْثَانِ شَيْطَانٌ يَتَرَاءَى لِلسَّدَنَةِ يُكَلِّمُهُمْ ، وَقَالَ
الزَّجَّاجُ : الْمُرَادُ بِالشَّيْطَانِ هَهُنَا إِبْلِيسُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ) وَلَا شَكَّ أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ إِبْلِيسُ ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ الَّذِي تَرَاءَى لِلسَّدَنَةِ هُوَ إِبْلِيسُ ، وَأَمَّا الْمَرِيدُ فَهُوَ الْمُبَالِغُ فِي الْعِصْيَانِ الْكَامِلِ فِي الْبُعْدِ مِنَ الطَّاعَةِ ، وَيُقَالُ لَهُ : مَارِدٌ وَمَرِيدٌ ، قَالَ
الزَّجَّاجُ : يُقَالُ : حَائِطٌ مُمَرَّدٌ أَيْ : مُمَلَّسٌ ، وَيُقَالُ : شَجَرَةٌ مَرْدَاءُ إِذَا تَنَاثَرَ وَرَقُهَا ، وَالَّذِي لَمْ تَنْبُتْ لَهُ لِحْيَةٌ يُقَالُ لَهُ : أَمْرَدٌ لِكَوْنِ مَوْضِعِ اللِّحْيَةِ أَمْلَسَ ، فَمَنْ كَانَ شَدِيدَ الْبُعْدِ عَنِ الطَّاعَةِ يُقَالُ لَهُ : مَرِيدٌ وَمَارِدٌ ؛ لِأَنَّهُ مُمَلَّسٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ ، لَمْ يَلْتَصِقْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الطَّاعَةِ شَيْءٌ .