الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        47 - باب القيام في شهر رمضان

                                                        هل هو في المنازل أفضل أم مع الإمام ؟

                                                        2056 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا عفان بن مسلم ، قال : ثنا وهيب ، قال : ثنا داود ، وهو ابن أبي هند ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، عن جبير بن نفير الحضرمي ، عن أبي ذر ، قال : صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، ولم يقم بنا ، حتى بقي سبع من الشهر . فلما كانت الليلة السابعة خرج فصلى بنا ، حتى مضى ثلث الليل ، ثم لم يصل بنا السادسة ، حتى خرج ليلة الخامسة ، فصلى بنا حتى مضى شطر الليل . فقلنا : يا رسول الله ، لو نفلتنا ؟ فقال : إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف ، كتب لهم قيام تلك الليلة . ثم لم يصل بنا الرابعة حتى إذا كانت ليلة الثالثة ، خرج وخرج بأهله ، فصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح . قلت : وما الفلاح ؟ قال : السحور

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أن القيام مع الإمام في شهر رمضان ، أفضل منه في المنازل ، واحتجوا في ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه : من قام مع الإمام حتى ينصرف ، كتب له قنوت بقية ليلته .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : بل صلاته في بيته أفضل من صلاته مع الإمام .

                                                        [ ص: 350 ] وكان من الحجة لهم في ذلك ، أن ما احتجوا به من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قنوت بقية ليلته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        ولكنه قد روي عنه أيضا أنه قال : خير صلاة المرء في بيته ، إلا المكتوبة ، في حديث زيد بن ثابت . وذلك لما كان قام بهم ليلة في رمضان فأرادوا أن يقوم بهم بعد ذلك ، فقال لهم هذا القول .

                                                        فأعلمهم به أن صلاتهم في منازلهم وحدانا أفضل من صلاتهم معه في مسجده ، فصلاتهم تلك في منازلهم أحرى أن يكون أفضل من الصلاة مع غيره في غير مسجده .

                                                        فتصحيح هذين الأثرين يوجب أن حديث أبي ذر هو على أن يكتب له بالقيام مع الإمام قنوت بقية ليلته . وحديث زيد بن ثابت يوجب أن ما فعل في بيته هو أفضل من ذلك حتى لا يتضاد هذان الأثران .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية