الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : يجوز خلو الزمان عن مجتهد خلافا للحنابلة .

            لنا : لو امتنع ، لكان لغيره ، والأصل عدمه .

            وقال - صلوات الله عليه : " إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه ، ولكن بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا ، فسئلوا ، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا " .

            قالوا : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله أو حتى يظهر الدجال " .

            [ ص: 363 ] قلنا : فأين نفي الجواز ؟ ولو سلم فدليلنا أظهر ، ولو سلم فيتعارضان ويسلم الأول .

            قالوا : فرض كفاية ، فيستلزم انتفاؤه اتفاق المسلمين على الباطل .

            قلنا : إذا فرض موت العلماء ، لم يمكن .

            التالي السابق


            ش - يجوز خلو الزمان عن المجتهد ، خلافا للحنابلة . واحتج عليه بوجهين :

            الأول : خلو الزمان عن المجتهد لم يستلزم محالا لذاته ، فلو امتنع ، كان امتناعه لغيره ، والأصل عدمه .

            والثاني : قوله - صلوات الله عليه : " إن الله لا يقبض " . . . إلى آخر الحديث . فإنه يدل صريحا على خلو الزمان عن [ ص: 364 ] العلماء .

            احتج الحنابلة بوجهين :

            الأول : قوله - عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي " . . . إلى آخره . فإنه يدل على عدم خلو الزمان عن المجتهد .

            أجاب بأن الحديث دل على عدم خلو الزمان عن طائفة ظاهرين على الحق ، ولا يدل على نفي جواز خلو الزمان عن المجتهد ، وإليه أشار بقوله : " فأين نفي الجواز ؟ " .

            ولو سلم أن الحديث دال على نفي الجواز ، فدليلنا أظهر ; لأنه يدل صريحا على خلو الزمان عن العلماء . وهذا ليس بصريح في نفي الجواز ; لأن القائم بالحق أعم من المجتهد .

            ولو سلم أن دليلنا لا يكون أظهر ، فيتعارضان ، أي دليلنا ودليلكم ، ويسلم الدليل الأول عن المعارض .

            الثاني : أن الاجتهاد فرض كفاية ، فيستلزم انتفاؤه في عصر من الأعصار اتفاق المسلمين على الباطل ; لأنه إذا انتفى الاجتهاد في عصر تكون الأمة في هذا العصر متفقين على ترك الواجب ، وهو باطل .

            أجاب بأنه إذا فرض موت العلماء ، لم يمكن الاجتهاد ، وإذا لم يمكن ، لا يكون فرض كفاية . فاتفاق الأمة على ترك الاجتهاد في [ ص: 365 ] عصر لا يكون باطلا .




            الخدمات العلمية