الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين

                                                                                                                                                                                                [ ص: 530 ] فرض عليك القرآن أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه ، يعني : أن الذي حملك صعوبة هذا التكليف لمثيبك عليها ثوابا لا يحيط به الوصف . و "لرادك" بعد الموت إلى معاد أي معاد ليس لغيرك من البشر وتنكير المعاد لذلك : وقيل : المراد به مكة : ووجهه أن يراد رده إليها يوم الفتح : ووجه تنكيره أنها كانت في ذلك اليوم معادا له شأن ، ومرجعا له اعتداد ؛ لغلبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها ، وقهره لأهلها ، ولظهور عز الإسلام وأهله وذل الشرك وحزبه . والسورة مكية ، فكأن الله وعده وهو بمكة في أذى وغلبة من أهلها : أنه يهاجر به منها ، ويعيده إليها ظاهرا ظافرا . وقيل : نزلت عليه حين بلغ الجحفة في مهاجره . وقد اشتاق إلى مولده ، ومولد آبائه ، وحرم إبراهيم ؛ فنزل جبريل فقال له : أتشتاق إلى مكة ؟ قال : نعم ؛ فأوحاها إليه . فإن قلت : كيف اتصل قوله تعالى : قل ربي أعلم بما قبله ؟ قلت : لما وعد رسوله الرد إلى معاد ، قال : قل للمشركين : ربي أعلم من جاء بالهدى يعني نفسه وما يستحقه من الثواب في معاده ومن هو في ضلال مبين يعنيهم وما يستحقونه من العقاب في معادهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية