الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولا يتيمم مريض في شتاء ولا صيف إلا من به قرح له غور وبه ضنى من مرض يخاف أن يمسه الماء أن يكون منه التلف ، أو يكون منه المرض المخوف لا لشين ولا لإبطاء برء ، وقال في القديم : يتيمم إذا خاف إن مسه الماء شدة الضنا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، والمرض هو الحال الثانية التي أباح الله تعالى التيمم فيها ، ويجوز التيمم في المرض مع وجود الماء ، وهو قول الجمهور ، وحكي عن الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح أنه لا يجوز التيمم في المرض إلا مع عدم الماء : لأن الله تعالى قال : وإن كنتم مرضى أو على سفر [ المائدة : 6 ] إلى قوله : فلم تجدوا ماء فتيمموا فلما كان عدم الماء في السفر شرطا في جواز التيمم كذلك في المرض .

                                                                                                                                            ودليلنا رواية الشافعي عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن أبي أمامة ، عن أبي أمامة واسمه - أسعد بن سهل بن حنيف - أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا في سرية فأصابه [ ص: 270 ] كلم وأصابته جنابة فصلى ولم يغتسل وخاف على نفسه فعاب عليه ذلك أصحابه فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك له فأرسل إليه فجاء فأخبر فأنزل الله : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ولأنه لما كان الفرض يتغير بلحوق المشقة من غير خوف التلف كالمسافر يفطر لأجل المشقة ، والمريض يفطر ، وترك القيام في الصلاة للحوق المشقة فلأن يتغير الفرض لخوف التلف من استعمال الماء أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية