الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      ( فصل : ثم هم مع هذه الأصول يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة .

      ويرون إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الأمراء أبرارا كانوا أو فجارا ، ويحافظون على الجماعات .

      ويدينون بالنصيحة للأمة ، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص ؛ يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه ، وقوله صلى الله عليه وسلم : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد ؛ إذا اشتكى منه عضو ؛ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .

      ويأمرون بالصبر عند البلاء ، والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء .

      [ ص: 292 ] ويدعون إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، ويعتقدون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا .

      ويندبون إلى أن تصل من قطعك ، وتعطي من حرمك ، وتعفو عمن ظلمك .

      ويأمرون ببر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وحسن الجوار ، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل ، والرفق بالمملوك .

      وينهون عن الفخر ، والخيلاء ، والبغي ، والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق .

      ويأمرون بمعالي الأخلاق ، وينهون عن سفسافها .

      وكل ما يقولونه ويفعلونه من هذا وغيره ؛ فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة ، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم ) .

      التالي السابق


      ش قوله : ( ثم هم مع هذه الأصول . . ) إلخ ؛ جمع المؤلف في هذا الفصل جماع مكارم الأخلاق التي يتخلق بها أهل السنة والجماعة ؛ من [ ص: 293 ] الأمر بالمعروف ؛ وهو ما عرف حسنه بالشرع والعقل ، والنهي عن المنكر ؛ وهو كل قبيح عقلا وشرعا ؛ على حسب ما توجبه الشريعة من تلك الفريضة ؛ كما يفهم من قوله عليه السلام : من رأى منكم منكرا ؛ فليغيره بيده ، فإن لم يستطع ؛ فبلسانه ، فإن لم يستطع ؛ فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان .

      ومن شهود الجمع والجماعات والحج والجهاد مع الأمراء أيا كانوا ؛ لقوله عليه السلام : صلوا خلف كل بر وفاجر .

      ومن النصح لكل مسلم ؛ لقوله عليه السلام : الدين النصيحة .

      [ ص: 294 ] ومن فهم صحيح لما توجبه الأخوة الإيمانية من تعاطف وتواد وتناصر ؛ كما في هذه الأحاديث التي يشبه فيها الرسول المؤمنين بالبنيان المرصوص المتماسك اللبنات ، أو بالجسد المترابط الأعضاء من دعوة إلى الخير ، وإلى مكارم الأخلاق ، فهم يدعون إلى الصبر على المصائب ، والشكر على النعماء ، والرضا بقضاء الله وقدره . . إلى غير ذلك مما ذكره .




      الخدمات العلمية