الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ( 157 ) )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : فمن أخطأ فعلا وأشد عدوانا منكم ، أيها المشركون ، المكذبون بحجج الله وأدلته وهي آياته ( وصدف عنها ) ، يقول : وأعرض عنها بعد ما أتته ، فلم يؤمن بها ، ولم يصدق بحقيقتها . [ ص: 244 ]

وأخرج جل ثناؤه الخبر بقوله : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله ) ، مخرج الخبر عن الغائب ، والمعني به المخاطبون به من مشركي قريش .

وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( وصدف عنها ) ، قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

14191 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ( وصدف عنها ) ، يقول : أعرض عنها .

14192 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( يصدفون عن آياتنا ) ، يعرضون عنها ، و " الصدف " ، الإعراض .

14193 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وصدف عنها ) ، أعرض عنها ، ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) ، أي : يعرضون .

14194 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وصدف عنها ) ، فصد عنها .

وقوله : ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ) ، يقول : سيثيب الله الذين يعرضون عن آياته وحججه ولا يتدبرونها ، ولا يتعرفون حقيقتها فيؤمنوا بما دلتهم عليه من توحيد الله ، وحقيقة نبوة نبيه ، وصدق ما جاءهم به من عند [ ص: 245 ] ربهم ( سوء العذاب ) ، يقول : شديد العقاب ، وذلك عذاب النار التي أعدها الله لكفرة خلقه به ( بما كانوا يصدفون ) ، يقول : يفعل الله ذلك بهم جزاء بما كانوا يعرضون عن آياته في الدنيا ، فلا يقبلون ما جاءهم به نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية