الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [4-5] وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي : كتاب اللوح المحفوظ ، أي : حكمنا فيه : لتفسدن في الأرض مرتين يعني أرض فلسطين بيت المقدس التي بارك الله حولها . والإفساد بالكفر والمعاصي .

                                                                                                                                                                                                                                      قال السمين : في تعدية ( قضينا ) بـ ( إلى ) تضمينه معنى أنفذنا . أي : أنفذنا إليهم بالقضاء المحتوم . ومتعلق القضاء محذوف . أي : بفسادهم . وقوله : لتفسدن جواب قسم محذوف مؤكد لمعنى القضاء ، أو جواب لقوله : وقضينا لأنه ضمن معنى القسم . ومنه قولهم : ( قضاء الله لأفعلن كذا ) فيجرون القضاء والقدر مجرى القسم ، فيتلقيان بما يتلقى به القسم . و ( مرتين ) أي : إفسادتين . منصوب على أنه مصدر ( لتفسدن ) من غير لفظه . وعدل عنه ؛ لأن تثنية المصدر وجمعه ليس بمطرد ولتعلن علوا كبيرا أي : ولتستكبرن وتتعظمن عن طاعة الله تعالى ، أو لتظلمن الناس

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا جاء وعد أولاهما أي : موعود أولى المرتين ، أي : وما وعدوا به في المرة الأولى ، يعني وعد المؤاخذة على أولى المفسدتين : بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد أي : ذوي قوة وبطش في الحرب ، شديد : فجاسوا خلال الديار ترددوا خلال أماكنكم ومحالكم للقتل والسبي والنهب : وكان وعدا مفعولا أي : مقضيا لا صارف له .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3903 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية