الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الولاء هل يورث أو يورث به [ ص: 85 ] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : { تزوج رياب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجمحية ، فولدت له ثلاثة ، فتوفيت أمهم ، فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها ، فخرج بهم عمرو بن العاص معه إلى الشام ، فماتوا في طاعون عمواس ، فورثهم عمرو وكان عصبتهم ; فلما رجع عمرو وجاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم إلى عمر بن الخطاب ، فقال : أقضي بينكم بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان ، فقضى لنا به ، وكتب لنا كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت } رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه . ولأحمد وسطه من قوله : فلما رجع عمرو ، وجاء بنو معمر إلى قوله فقضى لنا به قال أحمد في رواية ابنه صالح : حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { ما أحرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان } هكذا يرويه عمرو بن شعيب وقد روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أنهم قالوا : الولاء للكبر فهذا الذي نذهب إليه ، وهو قول أكثر الناس فيما بلغنا )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا النسائي مسندا ومرسلا ، وصححه ابن المديني وابن عبد البر ، وزاد أبو داود بعد قوله وزيد بن ثابت " ورجل آخر ، فلما استخلف عبد الملك اختصموا إلى هشام بن إسماعيل ، أو إلى إسماعيل بن هشام ، فرفعهم إلى عبد الملك ، فقال : هذا من القضاء الذي ما كنت أراه ، قال : فقضى لنا بكتاب عمر بن الخطاب فنحن فيه إلى الساعة " وأثر عمر وعثمان وعلي وزيد وابن مسعود أخرجه أيضا عبد الرزاق والبيهقي وسعيد بن منصور

                                                                                                                                            قوله : ( رياب ) بكسر المهملة وبعدها ياء مثناة تحتية وبعد الألف باء موحدة وذكره صاحب القاموس في مادة المهموز قوله ( : عمواس ) هي قرية بين الرملة وبيت المقدس قوله : ( إنهم قالوا : الولاء للكبر . . . إلخ ) أراد أحمد بن حنبل أن مذهب الجمهور يقتضي أن ولاء عتقاء أم وائل بنت معمر يكون لإخوتها دون بنيها كما هو مذهب الجمهور ، ذكر معنى ذلك في نهاية المجتهد وحديث عمر وفعله يقتضي تقديم البنين ثم رده إلى الإخوة بعدهم ، وهو مذهب شريح وجماعة وحجتهم ظاهر خبر عمر ، لأن البنين عصبتها ، ولما كان عمرو بن العاص ليس بعصبة لها رد الولاء إلى إخوتها لأنهم عصبتها

                                                                                                                                            وفي ذلك دلالة على أن الولاء لا يورث وإلا لكان عمرو أحق به منهم قال [ ص: 86 ] في البحر : مسألة : الأكثر ولا يورث : يعني الولاء بل تختص العصبات للخبر العترة والفريقان ، ولا يعصب فيه ذكر أنثى فيختص به ذكور أولاد المعتق وإخوته ، إذ قد ثبت أن الأعمام لا يعصبون لضعفهم ، والولاء ضعيف ، فلم يقع فيه تعصيب بحال شريح وطاوس ، بل يورث ويعصبون لقوله صلى الله عليه وسلم : " كلحمة النسب " قلت : مخصص بالقياس وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يورث " انتهى ، ومراده بالقياس القياس على عدم تعصيب الأعمام لأخواتهم ، ومعنى كون الولاء للكبر أنها لا تجري فيه قواعد الميراث ، وإنما يختص بإرثه الكبر من أولاد المعتق أو غيرهم ، فإذا خلف رجل ولدين وقد كان أعتق عبدا فمات أحد الولدين وخلف ولدا ثم مات العتيق اختص بولائه ابن المعتق دون ابن ابنه ، وكذلك لو أعتق رجل عبدا ثم مات وترك أخوين ثم مات أحدهما ، وترك ابنا ثم مات المعتق فميراثه لأخي المعتق دون ابن أخيه

                                                                                                                                            ووجه الاستدلال بما روي عن هؤلاء الصحابة أنهم لا يخالفون التوريث إلا توقيفا




                                                                                                                                            الخدمات العلمية