الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          وإن أمر بإحرام من ميقات فأحرم قبله أو من غيره أو من بلده فأحرم من ميقات أو في عام أو في شهر فخالف ، فقال ابن عقيل : أساء لمخالفته وذكر الشيخ : يجوز ، لإذنه فيه في الجملة . وفي الانتصار : لو نواه بخلاف ما أمره به وجب رد ما أخذه . وفيه في ذبح الأضحية بلا أمره لا يضمن بتفويت الفضل مع حصول المقصود ، كحبسه عن تبكير الجمعة ، وقوله : اشتر لي أفضل الرقاب وأعتق عن كفارتي فاشترى ما يجزئه ، ويتوجه المنع في تركه الأفضل شرعا ، ومنع ما ذكره في الانتصار في أمره بشراء أفضل [ ص: 262 ] رقبة . فعلى هذا [ المختار ] يحتمل أن يجب دم للمخالفة ، وفيه نظر ، لأنه لا دليل ، ويحتمل أن يقع النسك للنائب ويرد ما أخذه ، لأن المخالفة تمنع وقوعه عن المستنيب ، كتصرف الوكيل مع المخالفة ، ويحتمل وقوعه عن المستنيب وتنجبر المخالفة بنقص النفقة بقسطه ، ويحتمل أن لا يرد شيئا ، لأنه كعيب يسير فلا أثر له ، والله أعلم ( م 21 ) ويشبه شرط الإحرام من مكان أو زمان ، أو نظيره شرط الوقوف بعرفة راكبا أو اللبث فيها أو المبيت جميع [ ص: 263 ] الليل أو أكثره ، ونحو ذلك ، فيخالف . قال أصحابنا : وإن لزمه بمخالفته زيادة فمن النائب ، وعند الحنفية : إن أخذ طريقا أبعد وأكثر نفقة وهي مسلوكة جاز . ولو عين سنة فحج بعدها جاز ، كبعه غدا فيبيعه بعده ، وفيه خلاف زفر ، ولو وصى أن يحج عنه بثلثه كل سنة حجة فعن محمد كإطلاقه يحج عنه في سنة واحدة حججا ، وهو أفضل ، للمسارعة إلى الطاعة وأداء الأمانة . وفي الينابيع من كتبهم : إن كان بأمر الحاكم وإلا ضمن الوصي ، وفي المحيط من كتبهم : أنه لا عبرة بالمسمى ، فلو أحج الوصي عنه بأقل منه جاز ، لأن الموصى به وهو الحج لا يختلف . وفي عمدة الفتاوى من كتبهم : أحجوا من ثلثي حجتين يكتفي بواحدة ، وما فضل لورثته .

                                                                                                          [ ص: 262 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 262 ] مسألة 21 ) قوله : وإن أمر بإحرام من ميقات فأحرم قبله أو من غيره أو من بلده فأحرم من ميقات أو في عام أو في شهر فخالف ، فقال ابن عقيل : أساء لمخالفته ، وذكر الشيخ يجوز ، لإذنه [ فيه ] في الجملة ، وفي الانتصار : لو نواه بخلاف ما أمره وجب رد ما أخذه ، قال المصنف ويتوجه المنع في تركه الأفضل شرعا فعلى هذا المختار يحتمل أن يجب دم ، للمخالفة .

                                                                                                          وفيه نظر ، لأنه لا دليل ، ويحتمل أن يقع النسك للنائب ويرد ما أخذه ، لأن المخالفة تمنع وقوعه عن المستنيب ، كتصرف الوكيل مع المخالفة ، ويحتمل وقوعه عن المستنيب وتنجبر المخالفة بنقص النفقة بقسطه ، ويحتمل أن لا يرد شيئا ، لأنه كعيب يسير فلا أثر له ، والله أعلم ، انتهى ، جزم بما قاله الشيخ الشارح وابن رزين في شرحه وابن حمدان في الرعاية الكبرى ( قلت ) : الصواب ما قاله ابن عقيل إلا فيما إذا كان ما فعله أفضل ، ولعله كما لو أمر بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات فإنه لا إساءة في ذلك ، لأنه فعل الأفضل ، والله أعلم . والاحتمال الثالث هو الصواب على ما بناه المصنف ، والله أعلم .

                                                                                                          ( تنبيه ) قوله في آخر الباب " ويستخير هل يحج العام أو غيره وإن كان نفلا أو لا يحج " كذا في النسخ " وإن " بزيادة واو ، والصواب حذفها ، فهذه إحدى وعشرون مسألة في الباب .




                                                                                                          الخدمات العلمية